للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِنَبِيِّهِ، وَالَّذِي لِلرَّسُولِ لِأَزْوَاجِهِ، وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كَانَ يُجَاءُ بِالْغَنِيمَةِ فَتُوضَعُ فَيَقْسِمُهَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَيَعْزِلُ سَهْمًا مِنْهَا، وَيَقْسِمُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ بَيْنَ النَّاسِ - يَعْنِي لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ - ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي جَمِيعِ السَّهْمِ الَّذِي عَزَلَهُ فَمَا

قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ فَهُوَ الَّذِي سُمِّيَ لِلَّهِ لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ نَصِيبًا فَإِنَّ لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى بَقِيَّةِ السَّهْمِ فَيَقْسِمُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، سَهْمٌ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ مِفْتَاحُ كَلَامٍ، أَيْ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاكِمُ فِيهِ فَيُقَسِّمُهُ كَيْفَ شَاءَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ سَهْمًا مِنْهُ لِلَّهِ مُفْرَدًا؛ لِأَنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالُوا: سَهْمُ اللهِ وَسَهْمُ رَسُولِهِ وَاحِدٌ، وَذِكْرُ اللهِ لِلتَّعْظِيمِ، فَجَعَلَ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، وَجَعَلَ سَهْمًا لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ لَا يُعْطِيهِ غَيْرَهُمْ. وَجَعَلَ الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمِ الْبَاقِيَةَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِرَاكِبِهِ سَهْمًا، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا، وَعَنْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، فَرُبُعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى يَعْنِي قَرَابَةَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْخُمُسِ شَيْئًا. وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى، وَالرُّبُعُ الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ، وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الضَّعِيفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ اهـ. وَقَدْ أَكَّدَ اللهُ أَمْرَ هَذَا التَّخْمِيسِ بِقَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا الْكَامِلِ فِي عُبُودِيَّتِنَا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَالْمَلَائِكَةِ الْمُثَبِّتِينَ لَكُمْ فِي الْقِتَالِ، وَالنَّصْرِ الْمُبِينِ عَلَى الْأَعْدَاءِ يَوْمَ الْفُرْقَانِ الَّذِي فَرَّقْنَا بِهِ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَأَهْلِهِ، وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ وَهُوَ يَوْمُ بَدْرٍ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ جَمْعُ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَمْعُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَرْبِ وَالنِّزَالِ - أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِمَا ذُكِرَ إِيمَانَ إِيقَانٍ وَإِذْعَانٍ.

وَقَدْ شَاهَدْتُمْ ذَلِكَ بِالْعِيَانِ، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَوْلَاكُمْ وَنَاصِرُكُمْ، كَمَا أَنَّهُ مَالِكُ أَمْرِكُمْ فِي سَائِرِ شُئُونِكُمْ، وَلِلرَّسُولِ الَّذِي هَدَاكُمْ بِهِ، وَفَضَّلَكُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ إِلَخْ. فَيَجِبُ أَنْ تَرْضَوْا بِحُكْمِ اللهِ فِي الْغَنَائِمِ كَغَيْرِهَا،

وَبِقِسْمَةِ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِيهَا، وَفِيهِ أَنَّ الْإِيمَانَ يَقْتَضِي الْإِذْعَانَ النَّفْسِيَّ وَالْعَمَلَ، قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَرَضِيَ عَنْهُ: كَانَتْ لَيْلَةُ الْفَرْقَانِ الَّتِي الْتَقَى الْجَمْعَانِ فِي صَبِيحَتِهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ.

وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَكَانَ مِمَّا شَهِدْتُمْ مِنْ تَصْرِيفِ قُدْرَتِهِ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>