اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " لَقَدْ رَأَى ابْنُ الْأَكْوَعِ فَزَعًا " فَلَمَّا غَشَوْا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ اهـ.
عَدَدُ مَنْ ثَبَتَ مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حُنَيْنٍ:
قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ الْحَارِثَ هَذَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا نَصُّهُ: وَعِنْدَ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: لَمَّا فَرَّ النَّاسُ
يَوْمَ حُنَيْنٍ جَعَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ، ثَلَاثَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَجُلٌ مِنْ غَيْرِهِمْ: عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِالْعِنَانِ وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ (قَالَ) وَلَيْسَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ أَحَدٌ إِلَّا قُتِلَ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَإِنَّ النَّاسَ لَمُوَلُّونَ وَمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِائَةُ رَجُلٍ. وَهَذَا أَكْثَرُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَدِ مَنْ ثَبَتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ، وَثَبَتَ مَعَهُ ثَمَانُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، فَكُنَّا عَلَى أَقْدَامِنَا، وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ. وَهَذَا لَا يُخَالِفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونُوا مِائَةً، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَثْبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانِينَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ ثَبَتَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ ثَبَتَ مَعَهُ الْعَبَّاسُ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَعَلِيٌّ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَخُوهُ مِنْ أُمِّهِ أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهَؤُلَاءِ تِسْعَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُرْسَلِ الْحَاكِمِ فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةٌ، وَوَقَعَ فِي شِعْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَهُ كَانُوا عَشَرَةً فَقَطْ وَذَلِكَ قَوْلُهُ:
نَصْرنَا رَسُولَ اللهِ فِي الْحَرْبِ تِسْعَةً ... وَقَدْ فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ فَأَقْشَعُوا
وَعَاشَرَنَا وَافِيَ الْحَمَامِ بِنَفْسِهِ ... لِمَا مَسَّهُ فِي اللهِ لَا يَتَوَجَّعُ
وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الثَّبْتُ، وَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ عَجَلَ فِي الرُّجُوعِ فَعُدَّ فِيمَنْ
لَمْ يَنْهَزِمْ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَّارٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ ثَبَتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute