للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْخُذَ بِبَطْنِ الْوَادِي فَإِنَّهُ أَوْسَعُ لَكُمْ " وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْعَقَبَةَ وَأَخَذَ النَّاسُ بِبَطْنِ الْوَادِي إِلَّا النَّفَرَ الَّذِينَ هَمُّوا بِالْمَكْرِ بِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا سَمِعُوا بِذَلِكَ اسْتَعَدُّوا وَتَلَثَّمُوا وَقَدْ هَمُّوا بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَمَشَيَا مَعَهُ، وَأَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَأْخُذَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ، وَأَمَرَ حُذَيْفَةَ أَنْ يَسُوقَهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ سَمِعُوا وَكْزَةَ الْقَوْمِ مِنْ وَرَائِهِمْ قَدْ غَشَوْهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَمَرَ حُذَيْفَةَ أَنْ يَرُدَّهُمْ، وَأَبْصَرَ حُذَيْفَةُ غَضَبَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَرَجَعَ وَمَعَهُ مِحْجَنٌ، وَاسْتَقْبَلَ وُجُوهَ رَوَاحِلَهُمْ فَضَرَبَهَا ضَرَبَا بِالْمِحْجَنِ، وَأَبْصَرَ الْقَوْمَ

وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ وَلَا يَشْعُرُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْمُسَافِرِ، فَأَرْعَبَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ حِينَ أَبْصَرُوا حُذَيْفَةَ، وَظَنُّوا أَنَّ مَكْرَهُمْ قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَأَسْرَعُوا حَتَّى خَالَطُوا النَّاسَ، وَأَقْبَلَ حُذَيْفَةُ حَتَّى أَدْرَكَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: " اضْرِبِ الرَّاحِلَةَ يَا حُذَيْفَةَ وَامْشِ أَنْتَ يَا عَمَّارُ وَرَاءَهَا " فَأَسْرَعُوا حَتَّى اسْتَوَوْا بِأَعْلَاهَا، فَخَرَجُوا مِنَ الْعَقَبَةِ يَنْتَظِرُونَ النَّاسُ فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِحُذَيْفَةَ: " هَلْ عَرَفْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ أَوِ الرَّكْبِ أَحَدًا قَالَ حُذَيْفَةُ: عَرَفْتُ رَاحِلَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَالَ: كَانَتْ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَغَشَيْتُهُمْ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " هَلْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ شَأْنُ الرَّكْبِ وَمَا أَرَادُوا قَالُوا: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَإِنَّهُمْ مَكَرُوا لِيَسِيرُوا مَعِي حَتَّى إِذَا طَلَعْتُ فِي الْعَقَبَةِ طَرَحُونِي مِنْهَا " قَالُوا: أَوَلَا تَأْمُرُ بِهِمْ يَا رَسُولَ اللهِ إِذًا فَنَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ؟ قَالَ: " أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ وَيَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَضَعَ يَدَهُ فِي أَصْحَابِهِ " فَسَمَّاهُمْ لَهُمَا وَقَالَ: " اكْتُمَاهُمْ ".

وَهَذَا السِّيَاقُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ رَوَى الْقِصَّةَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي سِيرَتِهِ، وَذَكَرَ أَسْمَاءَ أُولَئِكَ الرَّهْطِ بِمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ بَعْضَهُ، وَالصَّحِيحُ فِي عَدَدِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ وَحُذَيْفَةَ اللَّذَيْنِ كَانَا مَعَ رَاحِلَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْعَقَبَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَهُمَا بِأَسْمَائِهِمْ وَأَمْرَهُمَا بِكِتْمَانِهَا فَقَدْ رَوَى فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قُلْنَا لِعَمَّارٍ: أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ؟ أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً. وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: " إِنَّ فِي أُمَّتِي " - قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ، وَقَالَ غُنْدَرٌ: أَرَاهُ قَالَ: فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>