للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ الْآيَةَ. أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُقَالُ لَهُ ثَعْلَبَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى مَجْلِسًا فَأَشْهَدَهُمْ فَقَالَ: لَئِنْ آتَانِي اللهُ مِنْ فَضْلِهِ آتَيْتُ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَتَصَدَّقْتُ وَجَعَلْتُ مِنْهُ لِلْقَرَابَةِ، فَابْتَلَاهُ اللهُ فَآتَاهُ مِنْ فَضْلِهِ، فَأَخْلَفَ مَا وَعَدَهُ، فَأَغْضَبَ اللهَ بِمَا أَخْلَفَهُ مَا وَعَدَهُ، فَقَصَّ اللهُ شَأْنَهُ فِي الْقُرْآنِ اهـ.

وَأَخْرَجَ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْعَسْكَرِيُّ فِي الْأَمْثَالِ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَالْبَارُودِيُّ وَأَبُو نُعَيمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: جَاءَ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالًا، قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِثْلِي؟ فَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُسَيِّرَ رَبِّي هَذِهِ الْجِبَالَ مَعِيَ لَسَارَتْ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالًا فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ آتَانِي اللهُ مَالًا لَأُعْطِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ، قَلِيلٌ تُطِيقُ شُكْرَهُ، خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُ شُكْرَهُ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " اللهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا " فَاتَّجَرَ وَاشْتَرَى غَنَمًا

فَبُورِكَ لَهُ فِيهَا، وَنَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ، حَتَّى ضَاقَتْ بِهَا الْمَدِينَةُ فَتَنَحَّى بِهَا فَكَانَ يَشْهَدُ الصَّلَاةَ بِالنَّهَارِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَا يَشْهَدُهَا بِاللَّيْلِ. ثُمَّ نَمَتْ كَمَا يَنْمُو الدُّودُ فَضَاقَ بِهَا مَكَانُهُ، فَتَنَحَّى بِهِ فَكَانَ لَا يَشْهَدُ جُمُعَةً وَلَا جِنَازَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ، وَيَسْأَلُهُمْ عَنِ الْأَخْبَارِ، وَفَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ اشْتَرَى غَنَمًا، وَأَنَّ الْمَدِينَةَ ضَاقَتْ بِهِ وَأَخْبَرُوهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " وَيْحَ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ ".

ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ رَسُولَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً (٩: ١٠٣) الْآيَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ رَجُلَيْنِ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ، وَرَجُلًا مِنْ بَنِي سَلَمَةَ يَأْخُذَانِ الصَّدَقَاتِ، فَكَتَبَ لَهُمَا أَسْنَانَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ كَيْفَ يَأْخُذَانِهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَمُرَّا عَلَى ثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ وَبِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخَرَجَا فَمَرَّا بِثَعْلَبَةَ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ: أَرِيَانِي كِتَابَكُمَا، فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا جِزْيَةٌ انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرَغَا ثُمَّ مُرَّا بِي، قَالَ: فَانْطَلَقَا وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيُّ فَاسْتَقْبَلَهُمَا بِخِيَارِ إِبِلِهِ فَقَالَا: إِنَّمَا عَلَيْكَ دُونَ هَذَا. فَقَالَ مَا كُنْتُ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ إِلَّا بِخَيْرٍ مَالِي فَقَبِلَاهُ، فَلَمَّا فَرَغَا مَرَّا بِثَعْلَبَةَ فَقَالَ: أَرِيَانِي كِتَابَكُمَا. فَنَظَرَ فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا جِزْيَةٌ انْطَلِقَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي فَانْطَلَقَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَلَمَّا رَآهُمَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمَا: " وَيْحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>