للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يُؤْمِنُ بِهِ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ سِرَّهُ وَنَجْوَاهُ، وَأَنَّهُ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ; فَإِنَّ مَنْ يَعْلَمُ هَذَا عِلْمًا صَحِيحًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحِيَ مِنَ اللهِ، وَيَخَافَ عِقَابَهُ إِنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ذَاكَ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِهَذَا.

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ

هَذَا بَيَانٌ لِحَالِ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ فِي جُمْلَتِهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي جُمْلَتِهِمْ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي الصَّدَقَاتِ لِلْجِهَادِ ; إِذْ لَمْ يَقِفِ الْمُنَافِقُونَ عِنْدَ حَدِّ بُخْلِهِمْ وَتَخَلُّفِهِمْ، بَلْ تَعَدَّوْهُ إِلَى لَمْزِ الْمُؤْمِنِينَ وَذَمِّهِمْ، بِمَا بَذَلَهُ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ، وَلِحُكْمِ مَنْ تَرَدَّوْا فِي هَذِهِ الْهَاوِيَةِ مِنَ النِّفَاقِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ لَهُمْ أَدْنَى حَظٍّ مِنَ التَّلَبُّسِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَا أَدْنَى نَفْعٍ مِنِ اسْتِغْفَارِ الرَّسُولِ وَدُعَائِهِ لَهُمْ ; لِرُسُوخِهِمْ فِي الْكُفْرِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَعَدَمِ الرَّجَاءِ فِي إِيمَانِهِمْ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ أَيْ: أُولَئِكَ هُمُ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُتَطَوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَيُعِيبُونَهُمْ فِي أَمْرِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي هِيَ أَظْهَرُ آيَاتِ الْإِيمَانِ - أَوْ أَعْنِي بِمَا ذُكِرَ مِنَ الذَّمِّ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُتَطَوِّعِينَ، أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ فَهِيَ

كَالْمُطَّهِّرِينَ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ، وَالتَّطَوُّعُ فِي الْعِبَادَةِ: مَا زَادَ عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَالصَّدَقَاتُ جَمْعُ صَدَقَةٍ تُطْلَقُ عَلَى الْأَنْوَاعِ وَالْأَفْرَادِ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ: فِي الصَّدَقَاتِ كَقَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ (٥٨) وَلَكِنَّ اللَّمْزَ هُنَالِكَ فِي قِسْمَتِهَا، وَهَاهُنَا فِي صِفَةِ أَدَائِهَا وَمِقْدَارِهَا، وَالنِّيَّةِ فِيهَا، كَمَا يُذْكَرُ فِي سَبَبِ النُّزُولِ قَرِيبًا. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِـ (يَلْمِزُونَ) وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِـ (الْمُطَّوِّعِينَ) لِلْفَصْلِ بِكَوْنِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا الْفَصْلُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْمُطَّوِّعِينَ، وَلَكِنَّ التَّطَوُّعَ وَاللَّمْزَ كِلَاهُمَا يَتَعَدَّيَانِ بِـ " الْبَاءِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>