للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُلَاصَةُ سُورَةِ بَرَاءَةَ (التَّوْبَةِ)

(وَهِيَ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ وَفِيهَا فَصُولٌ)

(هَذِهِ السُّورَةُ آخِرُ السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ الطِّوَالِ نُزُولًا، فَيَقِلُّ فِيهَا ذِكْرُ أُصُولِ الدِّينِ وَمَا يُنَاسِبُهَا مِنَ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسُّنَنِ الْكَوْنِيَّةِ، وَكَذَا أَحْكَامُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ - رَاجِعْ مُقَدِّمَةَ خُلَاصَةِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي ص ١٠٥ و١٠٦ وَالتَّنَاسُبُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي ص ١٣٢ و١٣٣ ج ١٠ ط الْهَيْئَةِ) .

الْبَابُ الْأَوَّلُ

(فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ وَشُئُونِهِ فِي خَلْقِهِ وَأَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ فِيهَا)

وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْإِضَافَاتِ إِلَيْهِ تَعَالَى)

(١ - الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ)

فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى: الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَمِنْهَا الْمُكَرَّرُ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَوْضُوعٌ فِي مَوْضِعِهِ الْمُنَاسِبِ لِمَعْنَاهُ فِي السِّيَاقِ أَوِ الْآيَةِ. وَأَمَّا الْفَائِدَةُ الْعَامَّةُ لِذِكْرِ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَتَكْرَارِهَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمُخْتَلِفَةِ فَهِيَ تَذْكِيرُ تَالِي الْقُرْآنِ وَسَامِعِهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ بِرَبِّهِ وَخَالِقِهِ وَمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّذِي يُثْمِرُ لَهُ زِيَادَةُ تَعْظِيمِهِ وَحُبِّهِ وَالرَّجَاءِ فِي رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَالْخَوْفِ مِنْ عِقَابِهِ، لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْ هِدَايَةِ كِتَابِهِ، أَوْ خَالَفَ حِكْمَتَهُ وَسُنَنَهُ فِي خَلْقِهِ، وَهَذَا أَعْلَى مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ، فِي إِكْمَالِ الْإِيمَانِ، وَإِعْلَاءِ شَأْنِ الْإِنْسَانِ (فَرَاجِعْهُ فِي ١٠٦ وَمَا بَعْدَهَا ج ١٠ ط الْهَيْئَةِ) .

وَمِمَّا وَرَدَ فِيهَا فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٩: ٧٨) وَقَوْلُهُ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) - إِلَى قَوْلِهِ - (وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (٩: ١٦) وَهُمَا أَعْظَمُ مَا يُجَدِّدُ فِي الْقَلْبِ مُرَاقَبَتَهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَحَسْبُكَ بِهِمَا وَازِعًا وَرَافِعًا.

(٢ - الْمَعِيَّةُ الْإِلَهِيَّةُ)

فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْمَعِيَّةِ الْعُلْيَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الْغَارِ عَنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) (٩: ٤٠) وَهِيَ مَعِيَّةُ النَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ، وَالْحِفْظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>