عَلَيْهَا نَكْثُهَا لِلْإِيمَانِ لَا يَجِبُ الْتِزَامُ مُعَاهَدَاتِهَا السَّابِقَةِ، وَلَا تَجْدِيدُ مَا انْتَهَتْ مُدَّتُهُ مِنْهَا كَمَا تَرَاهُ مُفَصَّلًا فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثَ عَشْرَةَ الْأَوْلَى مِنَ السُّورَةِ، وَدُوَلُ الْإِفْرِنْجِ تَعْمَلُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلَا تَعْقِدُ الْمُعَاهَدَاتِ إِلَّا مَعَ الدُّوَلِ الْمُنَظَّمَةِ الَّتِي تَلْتَزِمُ الشَّرَائِعَ وَالْقَوَانِينَ الدَّوْلِيَّةَ.
(٧) الْهُدْنَةُ بَيْنَ الْمُحَارِبِينَ مَشْرُوعَةٌ وَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَبْدَءُوا بِهَا إِذَا اقْتَضَتْ ذَلِكَ الْمَصْلَحَةُ، وَمِنْهَا الرَّحْمَةُ بِالْمُشْرِكِينَ فِيمَا لَا يَضُرُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ نَصُّ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) .
(٨) تَأْمِينُ الْحَرْبِيِّ بِالْإِذْنِ لَهُ بِدُخُولِ دَارِ الْإِسْلَامِ جَائِزٌ لِلْمَصْلَحَةِ، فَإِذَا اسْتَأْمَنَ لِأَجْلِ سَمَاعِ كَلَامِ اللهِ أَوِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ وَجَبَتْ إِجَارَتُهُ ثُمَّ إِبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ.
(٩) انْتِهَاءُ قِتَالِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ مَنُوطٌ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُهُ التَّوْبَةُ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْتِزَامُ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَأَهَمُّهَا رُكْنَا الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ.
(١٠) انْتِهَاءُ قِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ يُنَاطُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ مَعَ الْخُضُوعِ لِأَحْكَامِ شَرْعِنَا، كَمَا تَرَى فِي آيَةِ الْجِزْيَةِ (٢٩) وَفِي تَفْسِيرِهَا بَيَانُ حُكْمِ سَائِرِ الْمِلَلِ.
(١١) النَّفِيرُ الْعَامُّ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْجِهَادُ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ فِي الْآيَةِ (٤١) وَتَرَى فِي تَفْسِيرِهَا مَا تَكُونُ بِهِ فَرْضِيَّتُهُ، وَمَا يَكُونُ بِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
(١٢) امْتِنَاعُ نَفْرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ لِلْجِهَادِ فِي غَيْرِ حَالِ النَّفِيرِ الْعَامِّ فِي الْآيَةِ (١٢٢) .
(١٣) الْعَجْزُ عَنِ الْقِتَالِ أَوْ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَيْهِ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ وَتَجِدُ بَيَانَ أَنْوَاعِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ (٩١ - ٩٣) وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْقِتَالِ.
الْبَابُ الْخَامِسُ
(فِي شُئُونِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَحُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ وَسِيَاسَتِهِ فِيهِمْ وَفِيهِ فُصُولٌ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي ذَمِّ الْقُرْآنِ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَنَزَاهَتِهِ فِيهِ عَنِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ)
(تَنْبِيهٌ وَتَمْهِيدٌ)
الذَّمُّ: الْوَصْفُ بِالْقَبِيحِ، وَالسَّبُّ وَالشَّتْمُ: مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّعْيِيرُ وَالتَّشَفِّي مِنَ الذَّمِّ، سَوَاءٌ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا وَاقِعًا أَوْ إِفْكًا مُفْتَرًى. وَالْقُرْآنُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦: ١٠٨) فَنُهِيَ عَنْ سَبِّ آلِهَةِ الْكُفَّارِ وَمَعْبُودَاتِهِمْ وَمِنْهَا الْأَصْنَامُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْمُتَسَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ