للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآيَةَ. وَقَالَ: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضَّعْفِ بِمَا عَمِلُوا) (٣٤: ٣٧) الْآيَةَ. وَقَالَ: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (٣٠: ٣٩) وَقَالَ: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) (٣: ١٤) الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٨: ٢٨) وَمِثْلُهَا فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ (٦٤: ١٥) وَيَلِيهَا التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَصْرُ الْفَلَاحِ عَلَى الْوِقَايَةِ مِنْ شُحِّ النَّفْسِ، وَقَالَ تَعَالَى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) (١٨: ٤٦) انْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَهِيَ الْكَهْفُ: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (٧) وَالْمُرَادُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْعُمْرَانِ، وَأَحْسَنُهُ أَنْفَعُهُ لِلنَّاسِ وَأَرْضَاهُ لِلَّهِ بِشُكْرِهِ، ثُمَّ مَا ضَرَبَهُ مِنَ الْمَثَلِ بِصَاحِبَيِ الْجَنَّتَيْنِ، وَالْمَثَلِ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِنَبَاتِ الْأَرْضِ.

وَقَالَ تَعَالَى فِي تَعْلِيلِ قِسْمَةِ الْفَيْءِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) (٥٩: ٧) وَالدُّولَةُ بِضَمِّ الدَّالِّ الْمَالُ الْمُتَدَاوَلُ، أَيْ لِئَلَّا يَكُونَ الْمَالُ مَحْصُورًا

فِي الْأَغْنِيَاءِ مُتَدَاوَلًا بَيْنَهُمْ وَحْدَهُمْ. وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (٩: ٣٤) إِلَخْ، الْكَنْزُ هُوَ الْمَنْعُ مِنَ التَّدَاوُلِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الْمَالُ نَافِعًا لِلنَّاسِ.

وَالشَّوَاهِدُ فِي فِتْنَةِ الْمَالِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ تَجِدُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ وَلَا سِيَّمَا الْجُزْءِ الْعَاشِرِ مِنْهُ فَمِنَ الْآيَاتِ فِي ارْتِبَاطِ السَّعَادَةِ وَالْفَلَاحِ بِإِنْفَاقِ الْمَالِ وَالشَّقَاءِ بِمَنْعِهِ مَا هُوَ لِلتَّرْهِيبِ وَمَا هُوَ لِلتَّرْغِيبِ، وَجَمَعَ بَيْنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فِي قَوْلِهِ: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢: ١٩٥) الْآيَةَ، أَيْ إِنَّ مَنْعَ إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّهْلُكَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٢: ١٩٥) وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ اللَّيْلِ: (٩٢: ٥ - ١١) .

وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ شَوَاهِدُ الْقُطْبِ الثَّانِي مِنْ آيَاتِ الْمَالِ وَهِيَ:

(٢ - الْآيَاتُ فِي ذَمِّ طُغْيَانِ الْمَالِ وَغُرُورِهِ وَصَدِّهِ عَنِ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ)

قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْعَلَقِ: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لِيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (٩٦: ٦ و٧) أَيْ حَقًّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَتَجَاوَزُ حُدُودَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْفَضِيلَةِ بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ غَنِيًّا بِالْمَالِ. وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا فِي أَبِي جَهْلٍ أَشَدِّ أَعْدَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِسْلَامُ فِي أَوَّلِ ظُهُورِهِ، وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>