للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَالَ الْكَثِيرَ خَيْرًا بِقَوْلِهِ فِي صِفَاتِ الْإِنْسَانِ: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لِشَدِيدٌ) (١٠٠: ٨) وَقَالَ: (إِنَّ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (٢: ١٨٠) الْآيَةَ.

(٥ - مَا أَوْجَبَ اللهُ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ مِنَ الضَّيَاعِ وَالِاقْتِصَادِ فِيهِ) .

قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا) (٤: ٥) قِيَامُ الشَّيْءِ وَقِوَامُهُ (بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ) مَا يَسْتَقِيمُ بِهِ وَيُحْفَظُ وَيَثْبُتُ، أَيْ جَعَلَهَا قِوَامَ مَعَايِشِكُمْ وَمَصَالِحِكُمْ وَالسُّفَهَاءُ هُمُ الْمُسْرِفُونَ الْمُبَذِّرُونَ لَهَا لِصِغَرِ سِنِّهِمْ دُونَ الرُّشْدِ أَوْ لِفَسَادِ أَخْلَاقِهِمْ وَضَعْفِ عُقُولِهِمْ وَقَالَ تَعَالَى فِي صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) (٢٥: ٦٧) الْإِسْرَافُ: التَّبْذِيرُ وَالْإِفْرَاطُ وَالْقَتْرُ وَالْقُتُورُ وَالْإِقْتَارُ: الْإِقْلَالُ وَالتَّضْيِيقُ فِي النَّفَقَةِ.

(٦ - إِنْفَاقُ الْمَالِ آيَةُ الْإِيمَانِ وَالْوَسِيلَةِ لِحَيَاةِ الْأُمَّةِ وَعَزَّةِ الدَّوْلَةِ) .

هَذَا هُوَ الْقُطْبُ الْأَعْظَمُ مِنْ أَقْطَابِ الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَةِ فِي الْمَالِ وَأَكْثَرِهَا فِيهِ، وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَسَائِلُ لَهُ، وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَأَظْهَرُ الشَّوَاهِدِ فِيهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَهُ هُوَ الْفَصْلَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ الصَّحِيحِ الْمُقْتَرِنِ بِالْإِذْعَانِ، الْمَبْنِيِّ عَلَى أَسَاسِ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ دَعْوَى الْإِيمَانِ بِدُونِ شَهَادَتِهِ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الْإِسْلَامِ تُقَبْلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ الْعَمَلِيَّةَ تُبْنَى عَلَى الظَّوَاهِرِ وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُحَاسِبُ عَلَى السَّرَائِرِ.

وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) (٤٩: ١٤ و١٥) إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ، فَقَدَّمَ الْجِهَادَ بِالْمَالِ عَلَى الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ فِي تَحْقِيقِ صِحَّةِ الْإِيمَانِ. وَيَلِي هَذَا الشَّاهِدَ آيَةُ الْبِرِّ النَّاطِقَةُ بِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ عَلَى حُبِّهِ بِالِاخْتِيَارِ، أَوَّلُ آيَاتِ الْإِيمَانِ: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (٢: ١٧٧) إِلَخْ.

وَمِنَ الْآيَاتِ فِي تَفْضِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُنْفِقِينَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَتَفَاوُتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى) (٤: ٩٥) اقْرَأْ تَتِمَّةَ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا. وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ

وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى) (٥٧: ١٠) وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ كَثِيرَةٌ، وَيُرَاجَعُ تَفْصِيلُهَا فِي تَفْسِيرِ الْجُزْءِ الثَّانِي وَالْجُزْءِ الْعَاشِرِ وَهَذَا الْجُزْءِ (١١) مِنَ التَّفْسِيرِ.

وَمِنَ الْآيَاتِ الْبَلِيغَةِ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ وَمُضَاعَفَةِ ثَوَابِهِ، وَبَيَانِ آدَابِهِ، عِشْرُونَ آيَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>