للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسْعِدُ وَيُشْقِي، وَيُفْقِرُ وَيُغْنِي، وَأَنَّهُ وَصَلَ إِلَى مَقَامٍ صَارَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي رِجْلِهِ كَالْخَلْخَالِ وَفِي الْبَهْجَةِ الرِّفَاعِيَّةِ أَنَّ سَيِّدَهُمْ أَحْمَدَ الرِّفَاعِيَّ بَاعَ بُسْتَانًا فِي الْجَنَّةِ لِبَعْضِ النَّاسِ وَذَكَرَ لَهُ حُدُودًا أَرْبَعَةً. وَقَدْ نَقَلْتُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِي (الْحِكْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي مُحَاكَمَةِ الْقَادِرِيَّةِ وَالرِّفَاعِيَّةِ) .

وَجَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ مَنَاقِبِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ مَاتَ بَعْضُ مُرِيدِيهِ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَبَكَتْ فَرَقَّ لَهَا فَطَارَ وَرَاءَ مَلَكِ الْمَوْتِ فِي الْمَسَاءِ وَهُوَ صَاعِدٌ إِلَى السَّمَاءِ يَحْمِلُ فِي زِنْبِيلٍ مَا قَبَضَ مِنَ الْأَرْوَاحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ رُوحَ مُرِيدِهِ أَوْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ فَامْتَنَعَ، فَجَذَبَ الزِّنْبِيلَ مِنْهُ فَأَفْلَتَ فَسَقَطَ جَمِيعُ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ فَذَهَبَتْ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهَا، فَصَعِدَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ وَشَكَا لَهُ مَا فَعَلَهُ عَبْدُ الْقَادِرِ فَأَجَابَهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ بِمَا امْتَنَعْنَا مِنْ نَقْلِهِ، إِذْ نَقَلْنَا هَذِهِ الْخُرَافَةَ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعِ مِنَ الْمَنَارِ تَنْزِيهًا وَأَدَبًا مَعَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ.

وَنَقَلْنَا ثَمَّ أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْهِنْدَ ذَاكِرًا مَنَاقِبَ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فَقَالَ إِنَّ حِدَأَةً خَطَفَتْ قِطْعَةَ لَحْمٍ مِمَّا ذُبِحَ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فِي مَوْلِدِهِ - كَمَا كَانُوا يَذْبَحُونَ لِلْأَصْنَامِ - فَوَقَعَتْ عَظْمَتُهَا فِي مَقْبَرَةٍ فَغَفَرَ اللهُ تَعَالَى لِجَمِيعِ مَنْ دُفِنَ فِيهَا كَرَامَةً لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَيَا وَيْلَ مَنْ يُنْكِرُ أَمْثَالَ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ فَيُسْتَهْدَفُ لِرَمْيِهِ بِمُخَالَفَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى

(أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٠: ٦٢) وَإِنْكَارِ الْكَرَامَاتِ وَقَوْلِ اللَّقَانِيِّ:

وَأَثْبِتَنْ لِلْأَوْلِيَا الْكَرَامَهْ ... وَمَنْ نَفَاهَا فَانْبِذَنْ كَلَامَهُ

وَمِنْ هَذِهِ الْكَرَامَاتِ بِزَعْمِهِمْ ادِّعَاءُ الْوَحْيِ وَلَا يُنَافِيهَا عِنْدَهُمْ مُعَارَضَةُ الْقُرْآنِ وَعِبَادَةُ الشَّيْطَانِ وَعِلْمُ الْغَيْبِ، وَمِلْكُ النَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَتَدْبِيرُ الْأَمْرِ، وَتَرْكُ الْفَرَائِضِ وَارْتِكَابُ الْفَوَاحِشِ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ إِلَّا صُورِيَّةً لِمَصْلَحَةٍ وَكَذَا الْكُفْرُ الصَّرِيحُ كَمَا تَرَى فِي الشَّوَاهِدِ الْآتِيَةِ:

(الشَّاهِدُ الْأَوَّلُ كَرَامَاتُ وَلِيٍّ شَيْطَانِيٍّ مُوَحِّدِ أُلُوهِيَّةِ إِبْلِيسَ) .

قَالَ الشَّعَرَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَضَرِيِّ: ((كَانَ مِنْ أَصْحَابِ جَدِّي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ بِالْغَرَائِبِ وَالْعَجَائِبِ مِنْ دَقَائِقِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ مَا دَامَ صَاحِيًا، فَإِذَا قَوِيَ عَلَيْهِ الْحَالُ تَكَلَّمَ بِأَلْفَاظٍ لَا يُطِيقُ أَحَدٌ سَمَاعَهَا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ يُرَى فِي كَذَا كَذَا بَلَدًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ السَّرَسِيُّ أَنَّهُ جَاءَهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَسَأَلُوهُ الْخُطْبَةَ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ فَطَلَعَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ ثُمَّ قَالَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ لَكُمْ إِلَّا إِبْلِيسُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. فَقَالَ النَّاسُ: كَفَرَ، فَسَلَّ السَّيْفَ وَنَزَلَ فَهَرَبَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنَ الْجَامِعِ فَجَلَسَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إِلَى أَذَانِ الْعَصْرِ، وَمَا تَجَرَّأَ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ الْجَامِعَ، ثُمَّ جَاءَ بَعْضُ أَهْلِ الْبِلَادِ الْمُجَاوِرَةِ فَأَخْبَرَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ أَنَّهُ خَطَبَ عِنْدَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ، قَالَ فَعَدَدْنَا لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ثَلَاثِينَ خُطْبَةً، هَذَا وَنَحْنُ نَرَاهُ جَالِسًا عِنْدَنَا فِي بَلَدِنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>