للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفٍ إِلَى أَنْ تَعُدَّ خَمْسَ مَرَاتِبَ فَهَذَا مَجْمُوعُ عَدَدِ أَلْسِنَتِهِ، وَكُلُّ لِسَانٍ يُسَبِّحُ اللهَ تَعَالَى بِسَبْعِينَ أَلْفَ لُغَةٍ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، وَكُلُّ ثَوَابِهَا لِلْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ مَرَّةٍ، هَذَا فِي غَيْرِ الْيَاقُوتَةِ الْفَرِيدَةِ وَهِي الْفَاتِحُ لِمَا أُغْلِقَ إِلَخْ، وَأَمَّا فِيهَا فَإِنَّهُ يُخْلَقُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ طَائِرٍ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَسُبْحَانُ الْمُتَفَضِّلِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ مِنَّةٍ وَلَا عِلَّةٍ اهـ. مَنْ خَطِّ سَيِّدِنَا وَحَبِيبِنَا وَخَازِنِ سِرِّ سَيِّدِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ سَيِّدِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمِشْرِيِّ حَفِظَهُ اللهُ اهـ.

(الشَّاهِدُ السَّادِسُ عَنِ التِّجَانِيِّ دَعْوَاهُ مَوْتَ مَنْ يَكْرَهُهُ كَافِرًا)

وَفِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الْعَقَائِدِ الزَّائِغَةِ الْمُخَالِفَةِ لِعَقَائِدِ جَمِيعِ السَّلَفِ وَحُفَّاظِ السُّنَنِ وَأَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالْمُفَسِّرِينَ وَعُلَمَاءِ الْكَلَامِ، مَا نَعْهَدُ مِثْلَهُ عَنِ الْبَاطِنِيَّةِ وَأَهْلِ الْوَحْدَةِ وَالِاتِّحَادِ وَسَائِرِ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ وَلِعِلْمِ التِّجَانِيِّ وَأَمْثَالِهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالضَّرُورِيَّاتِ مِنْ عَقَائِدِ الْإِسْلَامِ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنْ أَصُولِ طَرِيقَتِهِمُ التَّسْلِيمَ لَهُمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

وَقَدْ بَالَغَ التِّجَانِيُّ فِيمَا يُلَقِّنُهُ لِأَتْبَاعِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، حَتَّى زَعَمَ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَكَرِهَ عَمَلَهُ أَوْ طَعَنَ فِيهِ أَوْ أَبْغَضَهُ يَمُوتُ كَافِرًا قَطْعًا ; وَهَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ كَدَعْوَى دُخُولِ أَتْبَاعِهِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ الْجَنَّةَ قَطْعًا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى. وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَطْعِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِلَّا بِنَصٍّ مِنَ الشَّارِعِ. وَإِنَّمَا الْقَطْعِيُّ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ مَاتَ عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَّ الْخَوَاتِيمَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تَعَالَى.

وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ أَتْبَاعًا فِي مِصْرَ وَبِلَادِ الْمَغْرِبِ لَمَا سَوَّدْنَا صَحَائِفَ هَذَا التَّفْسِيرِ بِذِكْرِ خُرَافَاتِهِ وَضَلَالَاتِهِ، وَقَدِ اسْتَفْتَانِي بَعْضُ الْمُنْكِرِينَ لِدَعْوَاهُمْ تَلَقِّيَ شَيْخِهِمْ لِأَوْرَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَقَظَةِ، وَحُضُورَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَجَالِسِ حَضْرَتِهِمْ، عَنْ دَعْوَى رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَقَظَةِ وَالتَّلَقِّي عَنْهُ، فَأَفْتَيْتُ فِي الْمَنَارِ بِبُطْلَانِهَا، فَلَجَأَ بَعْضُهُمْ إِلَى مَجَلَّةِ مَشْيَخَةِ الْأَزْهَرِ (نُورِ الْإِسْلَامِ) فَاسْتَفْتَوْهَا فِي ذَلِكَ فَأَفْتَاهُمْ مُفْتِيهَا الدِّجَوِيُّ الدَّجَّالُ بِمَا يَتَّخِذُونَهُ حُجَّةً عَلَى كُلِّ مَا افْتَرَاهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يَرُدُّونَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَالْحَقُّ أَنَّ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي حَيَاةِ الشُّهَدَاءِ، وَالْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَدَّى فِيهَا مَا صَحَّ مِنْهَا عَنِ الْمَعْصُومِ بِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

هَذَا وَإِنِّي لَا أَجْهَلُ أَنَّ لِلتِّجَانِيَّةِ فِي الْمَغْرِبِ وَالسُّودَانِ الْفَرَنْسِيِّ، حَسَنَاتٍ فِي مُقَاوَمَةِ التَّنْصِيرِ وَالِاسْتِعْمَارِ الْمُعَادِي لِلْإِسْلَامِ كَالْقَادِرِيَّةِ وَالسَّنُوسِيَّةِ، وَلَكِنَّ كِتَابَهُمْ (جَوَاهِرَ الْمَعَانِي) قَدْ فَضَحَهُمْ فَضَائِحَ لَا يَقْبَلُهَا مُسْلِمٌ يَعْرِفُ ضَرُورِيَّاتِ الْإِسْلَامِ، وَسَتَعْلَمُ قِيمَةَ حَسَنَاتِهِمْ وَغَيْرَهَا مِمَّا سَنَنْقُلُهُ فِي كَرَامَاتِ أَمْثَالِهِمْ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>