للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاسْمِهِ كَاذِبًا. فَهَذَا ضَلَالٌ فِي أُصُولِ الْعَقِيدَةِ، يَرْجِعُ إِلَى الضَّلَالِ فِي الْإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ فِي الْأَفْعَالِ، وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَسْرُدَ مَا وَقَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الضَّلَالِ فِي الْعَقَائِدِ الْأَصْلِيَّةِ بِسَبَبِ الْبِدَعِ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ لَطَالَ الْمَقَالُ، وَاحْتِيجَ إِلَى وَضْعِ مُجَلَّدَاتٍ فِي وُجُوهِ الضَّلَالِ، وَمِنْ أَشْنَعِهَا أَثَرًا، وَأَشَدِّهَا ضَرَرًا،

خَوْضُ رُؤَسَاءِ الْفِرَقِ مِنْهُمْ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَالِاخْتِيَارِ وَالْجَبْرِ، وَتَحْقِيقِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَتَهْوِينِ مُخَالَفَةِ اللهِ عَلَى نُفُوسِ الْعَبِيدِ.

إِذَا وَزَنَّا مَا فِي أَدْمِغَتِنَا مِنَ الِاعْتِقَادَاتِ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ نُدْخِلَهَا أَوَّلًا فِيهِ يَظْهَرُ لَنَا كَوْنُنَا مُهْتَدِينَ أَوْ ضَالِّينَ. وَأَمَّا إِذَا أَدْخَلْنَا مَا فِي أَدْمِغَتِنَا فِي الْقُرْآنِ وَحَشَرْنَاهَا فِيهِ أَوَّلًا فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ الْهِدَايَةَ مِنَ الضَّلَالِ لِاخْتِلَاطِ الْمَوْزُونِ بِالْمِيزَانِ. فَلَا يُدْرَى مَا هُوَ الْمَوْزُونُ مِنَ الْمَوْزُونِ بِهِ - أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ أَصْلًا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ وَالْآرَاءُ فِي الدِّينِ لَا أَنْ تَكُونَ الْمَذَاهِبُ أَصْلًا وَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَيُرْجَعُ بِالتَّأْوِيلِ أَوِ التَّحْرِيفِ إِلَيْهَا، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَخْذُولُونَ، وَتَاهَ فِيهِ الضَّالُّونَ.

(الْقِسْمُ الرَّابِعُ) : ضَلَالٌ فِي الْأَعْمَالِ، وَتَحْرِيفٌ لِلْأَحْكَامِ عَمَّا وُضِعَتْ لَهُ، كَالْخَطَأِ فِي فَهْمِ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَجَمِيعِ الْعِبَادَاتِ، وَالْخَطَأِ فِي فَهْمِ الْأَحْكَامِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَلْنَضْرِبْ لِذَلِكَ مَثَلًا: الِاحْتِيَالُ فِي الزَّكَاةِ بِتَحْوِيلِ الْمَالِ إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَوَلِ ثُمَّ اسْتِرْدَادُهُ بَعْدَ مُضِيِّ قَلِيلٍ مِنَ الْحَوَلِ الثَّانِي، حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَيَظُنُّ الْمُحْتَالُ أَنَّهُ بِحِيلَتِهِ قَدْ خَلَصَ مِنْ أَدَاءِ الْفَرِيضَةِ، وَنَجَا مِنْ غَضَبِ مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بِذَلِكَ قَدْ هَدَمَ رُكْنًا مِنْ أَهَمِّ أَرْكَانِ دِينِهِ، وَجَاءَ بِعَمَلِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ فَرْضًا وَشَرَعَ بِجَانِبِ ذَلِكَ الْفَرْضِ مَا يَذْهَبُ بِهِ وَيَمْحُو أَثَرَهُ، وَهُوَ مُحَالٌ عَلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ.

ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْ هَذَا الضَّلَالِ أَوَّلُهَا وَثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي الْأُمَمِ فَتَخْتَلُّ قُوَى الْإِدْرَاكِ فِيهَا، وَتَفْسَدُ الْأَخْلَاقُ، وَتَضْطَرِبُ الْأَعْمَالُ، وَيَحُلُّ بِهَا الشَّقَاءُ، عُقُوبَةً مِنَ اللهِ لَا بُدَّ مِنْ نُزُولِهَا بِهِمْ، سُنَّةَ اللهِ فِي خَلْقِهِ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِهِ تَحْوِيلًا. وَيُعَدُّ حُلُولُ الضَّعْفِ وَنُزُولُ الْبَلَاءِ بِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ مِنَ الْعَلَامَاتِ وَالدَّلَائِلِ عَلَى غَضَبِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهَا لِمَا أَحْدَثَتْهُ فِي عَقَائِدِهَا وَأَعْمَالِهَا مِمَّا لَا يُخَالِفُ سُنَنَهُ، وَلَا يَتْبَعُ فِيهِ سُنُنَهُ. لِهَذَا عَلَّمَنَا اللهُ تَعَالَى كَيْفَ نَدْعُوهُ بِأَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الَّذِينَ ظَهَرَتْ نِعْمَتُهُ عَلَيْهِمْ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهِ، وَتَقْوِيمِ الْعُقُولِ وَالْأَعْمَالِ بِفَهْمِ مَا هَدَانَا إِلَيْهِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا طُرُقَ أُولَئِكَ

الَّذِينَ ظَهَرَتْ فِيهِمْ آثَارُ نِقَمِهِ بِالِانْحِرَافِ عَنْ شَرَائِعِهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا وَعِنَادًا، أَوْ غَوَايَةً وَجَهْلًا.

إِذَا ضَلَّتِ الْأُمَّةُ سَبِيلَ الْحَقِّ وَلَعِبَ الْبَاطِلُ بِأَهْوَائِهَا، فَفَسَدَتْ أَخْلَاقُهَا وَاعْتَلَّتْ أَعْمَالُهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>