للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَتَمَ هَذَا السِّيَاقَ الْعَامَّ بِبَيَانِ أُصُولِ الْبِرِّ وَمَجَامِعِهِ فِي الْآيَةِ الْمُعْجِزَةِ الْجَامِعَةِ لِكُلِّيَّاتِ الْعَقَائِدِ وَالْآدَابِ وَالْأَعْمَالِ (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (١٧٧) إِلَخْ.

وَقَفَّى عَلَيْهِ بِسِيَاقٍ طَوِيلٍ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ بُدِئَ بِأَحْكَامِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلَى مِنَ (الْآيَةِ ١٧٨) وَانْتَهَى بِأَحْكَامِ الْقِتَالِ وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ أُمُورِ الِاجْتِمَاعِ

وَقَوَاعِدِهِ فِي آخِرِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ تَجْزِئَةِ الْقُرْآنِ الثَّلَاثِينِيَّةِ وَسَنَذْكُرُ أَنْوَاعَهَا.

ثُمَّ عَادَ الْكَلَامُ عَلَى بَدْئِهِ فِي الْعَقَائِدِ الْعَامَّةِ مِنَ الرِّسَالَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَحُجَجِهِ وَالْبَعْثِ، وَفِي الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ الْعَامَّةِ الَّتِي هِيَ سِيَاجُ الدِّينِ وَنِظَامُ الدُّنْيَا، وَرَأْسُهَا الْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهِيَ طَرِيقُ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَسَعَادَةُ الدَّارَيْنِ، وَالْإِخْلَاصُ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ إِلَى مَا قَبْلَ خَتْمِ السُّورَةِ كُلِّهَا بِالدُّعَاءِ الْمَعْرُوفِ، وَهَاكَ بَيَانَ مَا فِي السُّورَةِ مِنْ أَنْوَاعِ أَحْكَامِ الْفُرُوعِ الْعَمَلِيَّةِ:

خِطَابُ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ بِالْفُرُوعِ الْعَمَلِيَّةِ:

كَانَتِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ مِنْهَا تَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ اسْتِعْدَادِ الْأُمَّةِ لَهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعِبَادَاتِ، وَعِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي الْعَمَلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُعَامَلَاتِ، وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنْوَاعٌ، نُلَخِّصُهَا فِيمَا يَلِي:

١ - إِقَامَةُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ بِمَدْحِ أَهْلِهِمَا فِي (الْآيَةِ ٣) وَالْأَمْرِ بِهِمَا فِي (الْآيَةِ ١١٠) .

٢ - تَحْرِيمُ السِّحْرِ، وَكَوْنُهُ فِتْنَةً وَكُفْرًا أَوْ مُسْتَلْزِمًا لِلْكُفْرِ (الْآيَةَ ١٠٢) .

٣ - أَحْكَامُ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلَى، وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ فِيهَا وَحِكْمَتُهُ (الْآيَتَانِ ١٧٨ و١٧٩) .

٤ - الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ (الْآيَاتِ ١٨٠ - ١٨٢) .

٥ - أَحْكَامُ الصِّيَامِ مُفَصَّلَةً، وَقَدْ نَزَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلْهِجْرَةِ (الْآيَاتِ ١٨٣ - ١٨٧) .

٦ - تَحْرِيمُ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَالْإِدْلَاءِ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ عَلَى أَكْلِ فَرِيقٍ مِنْهَا بِالْإِثْمِ، كَمَا هُوَ الْفَاشِي فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ (الْآيَةَ ١٨٨) .

٧ - جَعْلُ الْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةِ هِيَ الْمُعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي الْمَوَاقِيتِ الدِّينِيَّةِ لِلنَّاسِ، وَمِنْهَا الصِّيَامُ وَالْحَجُّ (الْآيَةَ ١٨٩) ، وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ (الْآيَةَ ٢٢٦) ، وَعِدَّةُ النِّسَاءِ (الْآيَةَ ٢٢٨) .

٨ - أَحْكَامُ الْقِتَالِ وَكَوْنُهُ ضَرُورَةً مُقَيِّدَةً بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُنَا وَيُهَدِّدُ حُرِّيَّةَ دِينِنَا دُونَ غَيْرِهِمْ وَبِتَحْرِيمِ الِاعْتِدَاءِ فِيهِ، وَغَايَتُهُ مَنْعُ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ، وَالتَّعْذِيبُ وَالْإِيذَاءُ لِلصَّدِّ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ هَذَا الْعَصْرِ بِحُرِّيَّةِ الِاعْتِقَادِ وَالْوِجْدَانِ، وَمِنْهُ أَحْكَامُ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ (الْآيَاتِ ١٩٠ - ١٩٤، ٢١٦ - ٢١٨ ثُمَّ ٢٤٤ - ٢٥٢) .

٩ - الْأَمْرُ بِإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْوِقَايَةِ مِنَ التَّهْلُكَةِ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْإِنْفَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>