(١) وقد حكى ابنُ جني هذا الرأي حيث قال: "وذهب بعضُهم إلى أن أصلَ اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعة، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي، ونحو ذلك. ثُم وُلدت اللغاتُ عن ذلك فيما بعد. وهذا عندي وجهٌ صالح، ومذهب متقَبَّل". الخصائص، ج ١، ص ٩٨ - ٩٩. (والنزيب: صوت تيس الظبي عند السفاد). وقال السيوطي: "واحتج عباد بأنه لولا الدلالةُ الذاتية لكان وضعُ لفظٍ من بين الألفاظ بإزاء معنًى من بين المعاني ترجيحًا بلا مرجح". المزهر، ج ١، ص ١٨. ويُعرف هذا الرأي بالمحاكاة أو المضاهاة الطبيعية، ويقوم على افتراض وجود مناسبة طبيعية وعلاقة ضرورية بين اللفظ والمدلول هي التي تحمل الواضعَ على وضع اللفظ إزاء معنى أو شيء معين. وممن قال بها المعلم الثاني أبو نصر الفارابي، وقد أطنب في تحليلها والاستدلال عليها. انظر في ذلك: المسدي، عبد السلام: التفكير اللساني في الحضارة العربية (بيروت: دار الكتاب الجديد المتحدة، ط ٣، ٢٠٠٩)، ص ٩٨ - ١٠٦. (٢) هو أبو محمد عبد الله بن جعفر بن دَرَسْتَوَيْه بن المرزبان، الفارسي، الفسوي. كان من النحاة المشهورين، والأدباء المذكورين. ولد سنة ٢٥٨/ ٨٧١ وتوفِّيَ سنة ٣٤٧/ ٩٥٨. أقام ببغداد، وأخذ عن أبي العباس المبرّد وقرأ عليه كتاب سيبويه، كما أخذ عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة وعن الدارقطني وغيره. كان شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة. أخذ عنه عبيد الله المرزباني وغيره. كان ابن درستويه من كبار المحدثين، ثقة مع ما رُمي به من ضعف، وكان جيّدَ التصنيف كثيره. من تصانيفه: شرح كتاب المختصر للجرمي، وكتاب الإرشاد في النحو، وكتاب في الهجاء، وشرح الفصيح لثعلب، وكتاب الانتصار لكتاب العين، وغريب الحديث، ومعاني الشعر، وغيرها.