للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله، السلام على النبي، على فلان، فالتفت إلينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله هو السلام (أي هو الذي يؤمننا)، فإذا صلَّى أحدُكم فليقل: التحيات لله" إلخ (١). فعوَّض لهم لفظَ السلام بالتحيات المرادفة للفظ السلام، لرفع ما يُوهِمُه لفظُ السلام من معناه الأصلي، وهو الأمان. ونظيرُ هذا في القرآن قوله تعالى: {قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣)} [مريم: ٢٣] , قالوا النسي: الشيء الحقير (٢). فكان من بديع نسج القرآن أن أجرى عليه صفةً تُنَبِّه إلى أصله، فإنه نُقل من الشيء المنسِيِّ فصار بمعنى الحقير؛ لأن شأنَ الحقير أن يُنسى.


(١) يبدو أن المصنف جمع بين ألفاظ أكثر من رواية للحديث. وهو عند البخاري بلفظ: "كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدُكم فليقل: التحياتُ لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فإنكم إذا قلتموها، أصابت كلَّ عبد لله صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"". البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري (الرياض: دار السلام، ط ٢، ١٤١٩/ ١٩٩٩)، "كتاب الأذان"، ٨٣١، ص ١٣٥؛ وهو عند مسلم بلفظ: "كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السلام على الله، السلام على فلان، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: "إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدُكم في الصلاة فلْيَقُلْ: التحياتُ لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، - فإذا قالها أصابت كلَّ عبد لله صالح في السماء والأرض - أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء"". النيسابوري، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري: صحيح مسلم (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢١/ ٢٠٠١)، "كتاب الصلاة"، الحديث ٤٠٢؛ ص ١٥٧.
(٢) انظر في ذلك مثلًا: الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي (القاهرة: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط ١، ١٤٢٢/ ٢٠٠١)، ج ١٥، ص ٤٩٨؛ ابن عطية الأندلسي، أبو محمد عبد الحق بن غالب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٢/ ٢٠٠١)، ج ٤، ص ١٠. قال ابن عطية: "والنسي في كلام العرب الشيء الحقير الذي شأنه أن يُنسَى فلا يُتَألَّم لفقده".

<<  <  ج: ص:  >  >>