للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد سقْي أول، وعلّ لغة بمعنى لعل بحذف اللام. وكذلك اشتراك إِنْ المخفَّفة من الثقيلة مع أن النافية، وأَنْ المخففة مع أن المصدرية. ومن هذا خير بمعنى الأمر المبارك، وخير الذي هو تفضيل بمعنى أَخْيَر، وكذلك شر في ضديهما.

السبب الخامس: ما يعرض من التخفيف والتثقيل، مثل قِط لذَكَر الهر، وقط بالإدغام أصله قسط (١)، ومثل أَدْفَأَ مهموزًا، أزال عنه البرد، فإذا خففه القرشي على لغته في تخفيف الهمزة صار أدفا، فشارك أدْفَا بمعنى قَتَل من دَفَوْتَ الجريح إذا أجهزتَ عليه، وسأنبه على قصةٍ في هذا.

السبب السادس: الإبدال كإبدال الفاء ثاء، مثل القوم اسم الحنطة، فيصير كاسم البقلة المعروفة. وكذلك أرَّج مشتق من الأريج، وهو طيب الرائحة، وأرّج الذي أصله هرّج بالهاء وهو الشغب. يقال: هرج الأسد، وأسد مؤَرّج بالهمزة مبدلة من الهاء. وكذلك قالوا في هرج: حرّش، بابدال الهاء حاءً والجيم شينًا، جاء مشتركًا مع حرّش إذا أكثر صيد الضِباب (وقالوا فيه: أرش بإبدال الهاء بل بإبدال الحاء همزة، فصار مشبهًا مما يصاغ من الأرش، وهو غُرم الجراحات).

السبب الرابع: إطلاق اسم الشيء على ضد معناه الموضوع له، لتفاؤل أو تشاؤم أو تلطف أو تنزه، كإطلاق اسم السليم على الملدوغ، وإطلاق الجون على الأسود، وإطلاق البصير على الأعمى. والقاعدة في هذا هي أن نجزم أن المعنى الأصلي هو المعدول عنه، والمعنى العارض هو المعدول إليه.

السبب الثامن: ما طرأ على اللغة من المصطلحات الشرعية، كالإيمان والإسلام والتيمم من قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة: ٦]. وكذلك المصطلحات العلمية، مثل المصدر والإضافة.

السبب التاسع: تساهلُ بعضِ علماء اللغة والنحو في تكثير معاني اللفظ الواحد بحسب اختلاف مؤدّي المعنى باختلاف المواقع، مثل معاني فَوْق. قال في


(١) ومنه قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)} [ص: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>