للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا نادرًا، كمرادفة (لكن) لفعل استدرك، و (كأن) لفعل أُشَبِّه، و (ليت) لفعل أتمنى، و (لعل) لفعل أترجى. والحروف يرادف بعضُها بعضًا، وفي عد ترادف بعضها لبعض تسامح، بينتُه في محاضرة اللفظ المشترك.

وإنما سُمِّيَ هذا المترادف مترادفًا؛ لأنه ردفه لفظٌ آخر في الدلالة على معناه، أي لحقه، وردفه الآخر في ذلك المعنى، وحيث كان مجهولًا أولُ اللفظين أو الألفاظ المترادفة في الدلالة على المعنى، اشتُقَّ لذلك صيغةُ تفاعل الدالةُ على وقوع الفعل من جانبين أو أكثر غير معين منهما المبتدئ بالفعل مثل تخاصم وتقاتل وتعاقب.

واعلم أن النسبةَ بين المترادف والمشترك نسبةُ العموم والخصوص الوجهي، أعني أن كلَّ مشترك فهو مترادف، ولا عكس؛ إذ اللفظُ المشترك حين يدلُّ على معنى ثان أو أكثر يكون بتلك الدلالة مرادفًا للفظ آخر على ذلك المعنى. ولم أظفر بلفظٍ مشترك هو مختصُّ الدلالة على بعض معانيه، بحيث لا يكونُ لذلك المعنى لفظ آخر، فالعين حين يدل على معنى الذهب يكون مرادفًا للفظ ذهب ولفظ عسجد، وحين يدل على معنى منبع الماء يكون مرادفًا للفظ ينبوع.

فظهر أن لفظَ الترادف هو دلالة لفظ على معنى دل عليه لفظٌ آخر فصاعدًا في اصطلاح التخاطب، سواء أكان اللفظان فصاعدًا دالَّيْن على ذلك المعنى بالأصالة - أي بالحقيقة - أم كان بطريق النقل وغلبة الاستعمال المساوي للحقيقة. فالسيف والحسام مترادفان لدلالة كلٍّ من هذين اللفظين على شيء واحد، سواء أكان الحسام في القديم دالًّا على وصف في السيف أم لم يكن؛ لأن لفظ الحسام قد أصبح مساويًا في الدلالة للفظ السيف.


= منتهى الطلب من أشعار العرب، ص ٦١٨ - ٦٢٢. أما الشطر الثاني فهو صدر البيت السابع والعشرين من قصيدة للقطامي يمدح فيها عبد الواحد بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص، وتمام البيت:
فَقُلْتُ لِلرَّكْبِ لمَّا أَنْ عَلَا بِهِمْ ... مِنْ عَنْ يَمِينِ الحُبَيَّا نَظْرَةٌ قَبَلُ
القطامي، عُمير بن شُيَيْم: ديوان القطامي، تحقيق إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب (بيروت: دار الكتب الثقافية، ١٩٦٠)، ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>