للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من موصول وصلته في حكم الوصف ولم يجروه على موصوفه؟ ولكنه لم يشتهر بينهم، وذلك في قولهم: "ما ضُمَّتْ عليه الأنامل"، كما في قول النابغة: "وَمَهْرِي وَمَا ضَمَّتْ لَدَيَّ الأَنَامِلُ". (١) وأطلقوا عليه ذا رونق في قول أبي ذؤيب:

فَكِلَاهُمَا مُتَقَلِّدٌ ذَا رَوْنَقٍ ... صَافٍ إذا مَسَّ الأَيَابِسَ يَقْطَعُ (٢)

ولكنه لم يشتهر، فلم يصر مرادفًا للسيف.

وإن الأسماءَ المنقولةَ من المنسوب أدلُّ على سبق الوصفية فيها كقولهم: مشرفي للسيف، وقولهم: رُدَيْني، وخطيّ، وسَمْهَرى، ويَزَنِيّ للرمح، وقولهم: تُبَّعِيّة للدرع، وقولهم: صَرْخَدِيّ وبَابِليَّ للخمر، حتى أصبح لا يطلق المشرفي بدون موصوف إلا على السيف، ولا يُطلق البَابليُّ - مثلًا - بدون موصوف إلا على الخمر، فإذا أردتَ غير الخمر قلت: سحرٌ بابلي، أو رجل بابلي.

وقد يُخرج العربُ الوصفَ عن الوصفية إلى اللقبية، أي إلى اعتباره لقبًا، وما يزالون يتعاهدون الوصفية. وهذا مثلُ إطلاق الليث صفةً بمعنى الوثاب، ولذلك


(١) وتمام البيت:
وَأَنَّ تِلَادِي إِنْ ذَكَرْتُ وَشِكَّتِي ... وَمُهْرِى وَمَا ضَمَّتْ لَدَيَّ الأَنَامِلُ
ديوان النابغة الذبياني، ص ١١٩ (نشرة محمد أبو الفضل إبراهيم) وص ١٨٨ (نشرة ابن عاشور). والبيت من قصيدة قالها النابغة يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني.
(٢) ديوان الهذليين، تحقيق أحمد الزين (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، ١٩٩٥)، ج ١، ص ٢٠.
ولفظه فيه بلفظ:
وَكِلَاهُمَا مُتَوَشِّجٌ ذَا رَوْنَقٍ ... عَضْبًا إِذَا مَسَّ الضَّرِيبَةَ يَقْطَعُ
كما جاء بلفظ "الكريهة" بدل "الضريبة" في رواية السكري. السكري، أبو سعيد الحسن بن الحسين: شرح أشعار الهذليين، نشرة بعناية خالد عبد الغني محفوظ (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٧/ ٢٠٠٦)، ج ١، ص ٣٦. وانظره كذلك في: الضبي، أبو العباس المفضل بن محمد: المفضليات، تحقيق عمر فاروق الطباع (بيروت: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، ط ١، ١٤١٩/ ١٩٩٨)، ص ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>