للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن محمد الأموي، (١) وأنه هو الرضي من آل البيت. ولمَّا حج المنصور بالناس في خلافة أخيه السفاح طلب محمد بن عبد الله بن الحسن في المدينة فاختفى محمد، ثم في خلافة المنصور لم يزل محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى مختفيًا في شعاب جبل رضوى من بلاد جهينة. فمن ذلك دخل ذكر جبال رضوى في قصة المهدي المنتظر، واختلطت القصةُ من عدة حوادث. (٢)

وأيضًا نرى أبا جعفر المنصور، وقد لقب ابنه محمدًا بالمهدي، وأخذ له العهدَ بالخلافة. وساعده أنه سَمِيُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن أباه سَمِيُّ أبي رسول الله - عليه السلام - إذ كان من روايات حديث المهدي الرواية القائلة: "يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي"، كما سيأتي. فالمهدي العباسي أولُ مَنْ تلقب بالمهدي، وتطلع إلى أن يكون هو المعنيَّ من الأخبار المروية في شأن القائم المنتظر. وقد كان لصنيعه ذلك فائدتُه المطلوبة؛ إذ قد انقطعت عند بيعته مطامع العلويين المزاحمين للعباسيين في الخلافة من أواخر مدة مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.

ثم انتحل هذا اللقبَ أناسٌ من الثائرين والناجمين في الممالك والأمم، مثل المهدي الذي قام بالدعوة العبيدية في إفريقية ودبر الثورةَ على الدولة الأغلبية، ومثل المهدي ابن تومرت الذي قام بدعوة الدولة الموحدة بإفريقية، ومثل الحاكم بأمر الله الفاطمي بمصر الذي انقطع خبرُه وزعم أصحابه أنه اختفى فلا يظهر إلا في زمن مرقوب.


(١) الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك المعروف بـ "تاريخ الطبري"، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (القاهرة: دار المعارف بمصر، ط ٢، ١٩٦٨)، ج ٧، ص ٥١٧.
(٢) راجع في ذلك: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك: كتاب الوافي بالوفيات، تحقيق أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط ١, ١٤٢٠/ ٢٠٠٠)، ج ٣، ص ٢٤٢ - ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>