هذا المتعدي الضَّرّ، بوزن فَعْل، كالنصر مفتوح الضاد. وقد وجب فيه إدغامُ أول مثليه؛ لأن أولهما ساكنٌ وثانيهما متحرك. فالإدغام واجب، فلذلك قالوا: ضَرَّ، كقوله تعالى:{وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}[الفرقان: ٣].
واسم المصدر منه الضُّرُّ (بضم الضاد)، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ}[النحل: ٥٤]، وقيل الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان في مصدر ضر المتعدي جريًا على ما جاء باللغتين في الأسماء، نحو الشَّهْد والشُّهْد، تغليبًا لجانب الجمود في المصدر على جانب الاشتقاق، والقولُ الأول أصح وأقيس.
فأما إذا استُعمل ضر فعلًا لازمًا، فهو حينئذ بمعنى صار ضريرًا، أي: عَمِيَ، فتعين أن يكون وزنُه فعِل بكسر العين في الماضي؛ لأنه وزن أفعال العاهات والأحزان ونحوها. فقياسُ مضارعه أن يكون مفتوحَ العين، فيقال يضَرُّ (بفتح الضاد)، كما يقال عَمِيَ يَعْمَى وشَلِلَ يَشْلَل. واعلم أنِّي لم أعثر على مضارع ضر في كلامهم، إلا في قول بشار:
وقد وجدته في نسخة ديوان بشار غيرَ مضبوط، فضبطتُه بفتحة على الضاد. ولم أعثر أيضًا على ذكره أو ذكر زنة ماضيه من أصحاب كتب اللغة المعروفة لنا، مثل الأساس [للزمخشري]، والصحاح [للجوهري]، واللسان [لابن منظور]، والقاموس، والتاج، والمخصص لابن سيده، وإصلاح المنطق [لابن السكيت]، ومفردات الراغب، والمشارق لعياض، والنهاية لابن الأثير.
(١) ديوان بشار بن برد، تحقيق محمد الطاهر بن عاشور (القاهرة: دار السلام، ١٤٢٩/ ٢٠٠٨، تصويرًا عن طبعة الدار التونسية للنشر)، ج ١/ ١، ص ٢٧١. والبيت من قصيدة من بحر الوافر قالها بشار في حبيبته الرباب المكناة بأم بكر وفي الفخر.