للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضُّر والضَّر أعمُّ من الضرر، فيصح إطلاقُ الضُّر والضَّر على المعنى الذي يطلق عليه الضرر، ولا يصحّ إطلاقُ الضرر على كل ما يُطلق عليه الضُّر والضَّر.

وأما ما وقع في صحاح الجوهري من قوله: "الضَّرُّ خلافُ النفع، [وقد ضره وضاره بمعنًى]. والاسم الضرر. . . ويقال: لا ضرر عليك" (١)، فهو مما انفرد به. وقد ذكر الأئمةُ أن الجوهري لا يُؤخذُ ما انفرد به، وقد أوهمه الفيروزآبادي في مواضع كثيرة. قال التبريزي: "لا يُشك في أن في كتاب الصحاح تصحيفًا لا شك أنه من المصنِّف لا من الناسخ". (٢) وقال الأزهري: "لا يُقبل من الجوهري ما انفرد به". (٣)


(١) الجوهري: الصحاح، ج ٢، ص ٧١٩ - ٧٢٠ (باب الراء - فصل الضاد).
(٢) لم أتمكن من توثيق هذا الكلام المنسوب للخطيب التبريزي فيما أمكنني مراجعته من كتب اللغة والأدب، بما فيها مصنفاته هو نفسه. ولعل ضليعًا في علوم العربية يدلني عليه.
(٣) قال السيوطي: "قال الجوهري في الصحاح: سائرُ الناس جميعُهم. قال ابن الصلاح في مشكلات الوسيط قال الأزهري في تهذيبه: أهلُ اللغة اتَّفقوا على أن معنى سائر: الباقي، ولا التفات إلى قول الجوهري؛ فإنه ممَّن لا يُقْبَل ما يَنْفَرد به. انتهى. وقد انتصر للجوهري بأنه لم ينفرد به، فقد قال الجواليقي في شرح أدب الكتاب: إن سائر الناس بمعنى الجميع، وقال ابنُ دُريد: سائر الناس يقع على مُعْظمه وجُلّه. وقال ابن برّي: يدلُّ على صحَّة قول الجوهري قول مضرّس:
فَمَا حَسَنٌ أَنْ يَعذُرَ المرءُ نَفْسَه ... وَلَيْسَ لَهُ منْ سَائر النَّاس عاذرُ".
المزهر، ج ١، ص ١٠٥ - ١٠٦. وقد حكى ابن معصوم (ت ١١٢٠ هـ) هذا الكلام المنسوب إلى الأزهري، وذكر أن حكمه على الجوهري "بالغلط من وجهين: تفسيره له بالجميع، وذكره في س ي ر، وحقه أن يُذكر في س أر؛ لأنه من السؤر بالهمز". ثم أضاف: "وتعقبه النواوي [كذا! ] فقال: بل هي لغة صحيحة لم ينفرد الجوهري بها"، إلخ. ابن معصوم المدني الحسيني، علي بن أحمد بن محمد: الطراز الأول والكناز بما عليه من لغة العرب المعوَّل (لندن: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ١٤٣١ هـ)، ص ٢٧٣ - ٢٧٤. وبالرجوع إلى مصنفات الأزهري، لم نجد هذا الكلام المنسوب إليه، لا في معجمه "تهذيب اللغة" ولا كتاب "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي". وانظر كلام الجوهري: "وسائر الناس: جميعهم" في: الصحاح، ج ٢، ص ٦٩٢ (باب الراء - فصل السين).

<<  <  ج: ص:  >  >>