للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ جمع بابًا على أبوبة. وقوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: "ارجعن مأزورات غير مأجورات" (١) بهمز مأزورات، وأصله موزورات؛ لأنه من الوزر وهو الإثم، وإنما همز إتباعًا لقوله "غير مأجورات".

والحاصل أننا إن قبلنا الاحتجاجَ به تعين أن يحمل لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء على خلاف القياس مجملًا يناسب فصاحته وبلاغته (٢). ويستخلص من هذا كله أن


= ص ٢٨٤. وكان ابن مقبل قلقًا بين ما عهده واعتاد عليه في الجاهلية وما حصل من تحول وتبدل في الأفكار والأوضاع في ظل الإسلام، وهو ما جرى به شعره تعبيرًا عن حنينه لما كان في حياته الأولى. انظر دراسة ضافية في حياته وشعره في: الفيفي، عبد الله: شعر ابن مقبل: قلق الخضرمة بين الجاهلي والإسلامي (جازان: منشورات نادي جازان اديب، ط ١، ١٤٢٠/ ١٩٩٩).
(١) "عَن علي قَالَ: خرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا نسوة جلوس. فقال: "ما يجلسكن؟ " قلن: ننتظر الجنازة. قال: "هل تغسلن؟ " قلن: لا. قال: "هل تحملن؟ " قلن: لا. قال: "هل تدلين فيمن يدلي؟ " قلن: لا. قال: "فارجعن مأزورات، غير مأجورات"". ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني: سنن ابن ماجه، نشرة بعناية أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط ١، بدون تاريخ)، "كتاب الجنائز - باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز"، الحديث ١٥٧٨، ص ٢٧٧. وقد ضعفه الألباني، محمد ناصر الدين: سلسلة الأحاديث الضعيفة (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط ١، ١٤٢١/ ٢٠٠٠)، الحديث ٢٧٤٢، ج ٦، ص ٢٦٢ - ٢٦٥.
(٢) قال المصنف في تعليق له على الحديث: "وقد جاء هنا لفظ لا ضرر والمقصود به الإضرار، وكان الاستعمال يقتضي أن يقال: لا ضُرَّ؛ لأن الضرر بدون إدغام غير مستعمل إلا اسمًا للضرارة من عمًى أو زمانة، كما في قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥]؛ لأنه مصدر ضرِر بكسر عين الكلمة فتجيء على فتح العين في المصدر فيمتنع إدغامه، وأما ما عداه فليسَ جائيًا مِنْ فعِل المكسور العين؛ فلذلك [جاء] مصدره بسكون العين فيتعين إدغامُه، ولم أعثر على استعماله في غير ذلك. فإن كان ما وقع هنا لفظًا نبويًّا وهو الظاهر، فهو شاذ. وقد يكون مسوغه المزاوجة بينه وبين لفظ ضرار في كون كليهما بالفك، والمزواجة تسوِّغ مخالفةَ القياس. ومما حسَّنها هنا أن الجملة جرت مجرى المثل، ولذلك لا تُغيَّر. وقد شاع استعمالُ الضرر بمعنى الضُّر في كلام العلماء، وفي كتب الفقه، لكني لم أظفر له بشاهدٍ في كلام الفصحاء غير هذا الذي في الحديث". ابن عاشور، محمد الطاهر: كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ، تحقيق طه علي بوسريح التونسي (القاهرة: دار السلام/ تونس: دار سحنون، ط ١، ١٤٢٧/ ٢٠٠٦)، ص ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>