للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما بتأويله بأن الذي أوجب الفكَّ هو قصدُ الإتباع والمزاوجة بين اللفظين (الضرر والضرار)؛ فإن كليهما لا إدغامَ فيه. فرُوعِيَ ذلك في المقارنة تحسينًا، وهو من ضروب البديع، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث وفد عبد القيس في الصحيح: "مرحبًا بالوفد غير خزايا ولا ندامى" (١)، فجمع نادمًا على ندامى لموافقة صيغة خزايا، إذ ليس فَعَالَى من صيغ جمع فاعل، بل هو من صيغ جمع فعلان، والندمان هو المنادم. ومن هذا النوع قولُ الشاعر:

هَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ، وَلَّاجُ أَبْوِبَةٍ ... يُخَالِطُ البِرُّ مِنْهُ الجِدَّ وَاللِّينَا (٢)


(١) "عن أبي جمرة قال: كنت أقعد مع ابن عباس، يجلسني على سريره فقال: أقم عندي حتى أجعل لك سهمًا من مالي، فأقمت معه شهرين، ثم قال: إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من القوم" أو "من الوفد؟ " قالوا: ربيعة. قال: "مرحبًا بالقوم، أو بالوفد، غير خزايا ولا ندامى"، فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمُرْنا بأمرٍ فصل، نخبر به مَنْ وراءنا، وندخل به الجنة. وسألوه عن الأشربة: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: "أتدرون ما الإيمان بالله وحده". قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس". ونهاهم عن أربع: عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت. وربما قال: المقير. وقال: "احفظوهن، وأخبروا بهن مَنْ وراءكم"". صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث ٥٣، ص ١٢؛ "كتاب العلم"، الحديث ٨٧، ص ٢٠.
(٢) البيت منسوب لأبي كعب تميمٍ بن أبيّ بن مقبل من بني العجلان من عامر بن صعصعة، من الشعراء المخضرمين، عمَّر قريبا من مائة وعشرين سنة. وُلد حوالي ٥٧٠ م أي سنة قبل الهجرة، أسلم ولم يرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوفي قريبًا من عام ٧٠ هـ. عده ابن سلام في الطبقة الخامسة من شعراء الجاهلية مع خِداش بن زهير بن أبي ربيعة والأسود بن يعفر والمخَبَّل السعدي. رثى عثمان بن عفان، وتحزب مع معاوية بن أبي سفيان في صفين، وهجا كلًّا من النجاشي والأخطل. يشتمل شعره المطبوع على خمس وثمانين قصيدة ومقطوع. والبيت المستشهد به لم يذكره ابن قتيبة (الشعراء والشعراء) ولا البغدادي (منتهى المطلب) فيما أورداه من شعره، ولا ضمنه المصطاوي فيما حققه من شعره. ويبدو أنه بيت مفرد، وقد اختلف علماء اللغة والأدب اختلافًا كبيرًا في نسبته، فمنهم من نسبه إلى ابن مقبل، ومنهم من نسبه إلى القُلاخ بن حُبانة، ومنهم من أطلقه بدون نسبة. ولذلك أدرجه عزة حسن ضمن القصائد والأبيات المختلف في نسبتها، وذكر المصادر التي أوردته. الجمحي، محمد بن سلام: طبقات الشعراء، تحقيق جوزف هل (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٢/ ٢٠٠١)، ص ٦١؛ ديوان ابن مقبل، تحقيق عزة حسن (بيروت/ حلب: دار الشرق العربي، ١٤١٦/ ١٩٩٥)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>