للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ما لا سبيلَ إلى الشك فيه من وضع اللغة العربية، فلذلك إذا وقع لفظ "كل" بعد اسم مدلوله ذو أفراد أفاد توكيدَه بشمول أفراده حتى لا يُتوهم أن المتكلم أطلقه على غالب أفراده، وأنه غاب عن ذهنه بعضُ أفراده. وهذا هو المعدود في ألفاظ التوكيد المعنوي والملازم الإضافة إلى ضمير موافق للاسم السابق. وأما إذا وقع غيرَ تابعٍ قبله، فلا بدَّ من إضافته إلى اسم ظاهر أو مضمر لغير قصد التوكيد أو يكون منونًا بتنوين عوض عن لفظ المضاف إليه المعلوم من الكلام نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧)} [النمل: ٨٧] حتى لا تفارقه الإضافةُ إلى ما يبينه، وهو دالٌّ على شمول أفراد ما أضيف هو إليه.

هذا هو الذي نجده لاستعمالات لفظ "كل" في دواوين اللغة، مثل صحاح الجوهري ولسان العرب ومغني اللبيب. ولكن الفيروز آبادي زاد عليهم زيادةً أدخل بها إشكالًا في اللغة، فقال في القاموس: "وقد جاء (كل) بمعنى بعض،


= فإن مقتضاه أن القصة وقعت قبل بدر، وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين. لكن اتفق أئمةُ الحديث - كما نقله ابن عبد البر وغيره - على أن الزهري وهم في ذلك، وسببُه أنه جعل القصة لذي الشمالين، وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خُزاعي واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة. وأما ذو اليدين فتأخر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة؛ لأنه حدث بهذا الحديث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما أخرجه الطبراني وغيره. وهو سلمي، واسمه الخرباق على ما يأتي البحث فيه. وقد وقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة: "فقام رجل من بني سليم"، فلما وقع عند الزهري بلفظ فقام ذو الشمالين، وهو يعرف أنه قتل ببدر، قال لأجل ذلك إن القصة وقعت قبل بدر. وقد جوز بعضُ الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما وهو قصة ذي الشمالين، وشاهدَ الآخر وهي قصة ذي اليدين، وهذا محتملٌ من طريق الجمع. وقيل يُحمل على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضًا ذو اليدين وبالعكس، فكان ذلك سببًا للاشتباه. ويدفع المجازَ الذي ارتكبه الطحاوي ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ: "بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقد اتفق معظمُ أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غيرُ ذي اليدين، ونص على ذلك الشافعي رحمه الله في اختلاف الحديث". ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي: فتح الباري بشرح صحيح البخاري (الرياض: بيت الأفكار الدولية، بدون تاريخ)، ج ١، ص ٧٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>