التطفلُ شائعًا في كتب العربية وبخاصة كتب النحو. فبان بهذا أن لعلم متن اللغة مزيدَ اختصاص بالبحث عن مفاد الكلم المفردة، ذلك المفاد الذي يختلف عند التركيب في الكلام.
ثم قد يكون استعمالُ العرب تركيبًا في معنى ليس مما يُفاد بواسطة اجتماع معاني مفردات ذلك التركيب، ولكنه يشابه استعمالًا جمليًّا، فيصير ذلك التركيبُ بمنزلة مفرد موضوع للدلالة على معنى واحد بحيث لا يفي تفكيكُ معاني مفرداته بجميع المعنى المراد منه، فينعزل هذا المصنف عن الانضواء تحت موضوع النحو، ويأوي إلى الانضواء تحت موضوع علم متن اللغة.
وسبب ذلك ليس هو بالخاصية والبحث، بل لحدوث استعمال استعمل به بعضُ أهل اللسان تركيبًا في معنى واحد يفاد منه عند إطلاقه إما باعتماد على مجاز أو كناية أو تمثيل. ثم يتكرر استعمالُه كذلك في ذلك المعنى تكررًا ناشئًا عن استجادة أذواق سامعيه باستعماله في منتدياتهم أو أسواقهم عقب سماعهم إياه المرة بعد المرة، حتى يصير التركيب - في دلالته على مجموع ذلك المعنى - مُماثِلًا لحال دلالة المفردات على معانيها الموضوعة هي لها، بحيث ينتقل المعنى الحاصل منه عما كان ينحلُّ منه بحسبها اجتماعُ معاني مفرداته إلى معنى جديد مصطلح عليه غير منحل من مجموع مفرداته، بحيث لو سمعه غيرُ الممارس لاستعمالهم لما فهم منه ما أرادوه وإذا سمعه الممارس لهم وقع في نفسه موقعًا عظيمًا لما فيه من جزيل المعنى وخفة اللفظ.
وهذا مثل التراكيب التي خفيت فيها ملاحظةُ المعاني الموضوعة هي لها نحو قولهم:"كذب عليك كذا"، بمعنى التحريض على تحصيله. ومثل التركيب الذي ينطلق به ناطق بليغ في قصة جرت، فيؤخذ منها ويستعملونه لقصد التذكير بما احتوت عليه تلك القصة، وهي الأمثال. حتى ترى ما كان كلامًا قد صار بمنزلة كلمة مفردة فتحتاج إلى ما تبنى عليه من لفظ ظاهر أو مقدر.
فإذا صارت المركباتُ إلى هذا الحد كانت حَرِيَةً بأن تُدرج في دواوين متن اللغة، ولهذا نراهم يذكرون الأمثالَ في مواد كتب اللغة. وأحقُّ منها بذلك الكلامُ