وهذه الأنواع الثلاثة موضوعةٌ بالوضع الشخصي، وقد دون لإحصائها علم متن اللغة. ومنها - أي المفردات - المشتقات، وهي كلماتٌ ذاتُ صيغ تدل على ما قامت به الأحداثُ وما تعلقت به، وعلى أزمانها. ومعظمُها مصوغةٌ من أسماء الأحداث، أو مصوغة مما نزل منزلةَ أسماء الأحداث بما يؤخذ من أسماء الذوات فيصير كالحدث، مثل تحجر وتنمر. ولكونها كذلك، كانت موضوعةً بوضع تابع لوضع ما تُصاغ منه.
ومعنى الصيغة أنها كيفيةٌ خاصة وقوالبُ مختلفة تشتمل على حروف الأحداث أو بعض حروفها، بجعلها على حركات معينة أو بضميمة حروف إليها. ولكون هذه الصيغ معينةَ الأشكال ومختلفتَها، كانت موضوعةً بالوضع النوعي المعروف في فن الوضع؛ أعني أنها وضعت بقواعد كلية تنطبق كلُّ قاعدة منها على الجزئيات التي تتحقق القاعدةُ فيها، وقد دُوِّن لها علمُ الصرف.
وأما المركَّباتُ فهي موضوعة بالوضع النوعي، سواء في كيفية انتظام بعضها مع بعض وتقديم بعضها على بعض بحسب ما يفيد مراد المتكلم من حصول معاني مفرداتها، أو في كيفية ذكر ما يُذكر منها وحذف ما يُحذف في اللفظ وهو منوِيٌّ في النفس أو في أحوال أواخر الكلم المتركبة هي منها، بحسب ما يعجل بفهم مراد المتكلم أو ما يدفع اللبس عن مراده. وتلك أحكامُ الإسناد والتعلق وآثارها في المفردات من هذه الحيثية، وقد دُوِّن لها علمُ النحو.
وقد يتداخل بعضُ علوم العربية مع بعض في التعرض إلى أحوال الشيء الواحد بناءً على اختلاف اعتبار أهل العلوم في تلك الأحوال، فكلٌّ يرى لبعض الاعتبارات مزيدَ اختصاص بعلمه، فتجد له ذكرًا في علمين أو أكثر. ولكن إذا لم تكن اعتباراتٌ مختلفة للألفاظ تعيَّنَ أن يختصَّ بها العلمُ المدوَّنُ لموضوعها في الاصطلاح بعد تمايز العلوم بتمايز موضوعاتها. فإذا ذُكرت ألفاظٌ في غير كتب العلم المختص بها باعتبار موضوعها عُدَّ ذكرُها في تلك الكتب تطفلًا، وإن كان هذا