وأنا أُقَفِّي على قرار المجمع اللغوي، ثم أعود إلى ما استخلصته مجلةُ المجمع العلمي العربي، وسأُلفت نظرَ المجمع العلمي إلى ضبط هذه القاعدة وتحديد انتشار استعمالها في الكلام، فأقول:
الصيغة التي جرى البحثُ والتحقيق بصددها هي خصوصُ صيغة مفعلة المصوغة من اسم جامد للدلالة على مكان يكثُر فيه مسمَّى ذلك الاسم. وهذا نوعٌ خاص من أنواع صيغة مَفْعَلة، وهو النوع الذي ليس مصدرًا نحو مَشْوَرَة، ولا اسمًا نحو مَشْيَخَة جمع شيخ، أو مفردًا نحو المشيخة اسمَ ولاية نحو مشيخة الإسلام ومشيخة الأزهر. فهذا النوع إذا كانت عينُه حرفَ علة متحرك إثر حرفٍ صحيح ساكن فتقتضي نقلَ حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله، فينقلب حرفُ العلة إِذَنْ ألفًا.
غير أن هذه القاعدة إنما ضبطها علماءُ العربية بزَكانتهم في الأفعال بالأصالة، وفي الأسماء المشابهة للأفعال المضارعة في حركات الحروف وفي حرف زائد قبل أصول الأسماء. فكانت القاعدةُ مقصورةً على الأسماء المشتقة من أسماء المعاني (الأحداث)؛ لأنها لما أشبهت الأفعالَ في المادة وزادت بشبهها المضارعَ في الصورة استحقت الالتحاقَ بالفعل المضارع في وجوب نقل حركة العين المعتلة إلى الساكن الصحيح قبلها، وكلّ ذلك تعليلٌ وتوجيهٌ لما سُمِع من الكلام العربي الفصيح.
أما صيغة مفعلة المشتقة من أسماء الأعيان الجامدة، فقد سكت أئمةُ التصريف عن التصريح بتطبيق قاعدة النقل والإبدال فيها، وعن استثنائها من تلك القاعدة. فيُظَنُّ أن قياسَ قواعد النقل والإبدال مطَّردٌ فيها، وقد يُشك في ذلك. لكنا قد نأخذ آراءهم فيها من الأمثلة التي يجري التمثيلُ بهل لِمَا استُثْنِيَ من قاعدة نقل حركة العين المعتلة إلى الساكن الصحيح قبلها، مثلما استثنَوْا صيغةَ مِفعال ومِفْعَل من تلك القاعدة، نحو مِسْواك ومِقْياس ومِقْوَل (وهو اللسان؛ لأنه آلةُ القول) ومِخْيَط.