للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ المركَّب أو المفرد، لا إلى مبناه وصورته. فليست الجزالةُ تنافرَ الحروف، ولا تنافرَ الكلمات، ولا غرابةَ الكلمة.

فلْنَتَطَلَّبْ حقيقةَ الجزالة عند أئمة النقد، ونَتَقصَّها من آثار كلماتهم، ونتعرَّفْها من تعرف ضدها الذي يقابلونها به. فابنُ رشيق في العمدة ذكر الجزالة، وعطفها على الفخامة عطفًا يظهر منه أنه أراد به التفسير، قال: " [ثم للناس فيما بعد آراء ومذاهب: منهم مَنْ يُؤْثِر اللفظَ على المعنى، فيجعله غايته ووكده، وهم فرق]: قوم يذهبون إلى فخامة الكلام وجزالته على مذهب العرب من غير تصنع كقول بشار:

إذا ما غضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيَةً ... هَتَكْنَا حِجَابَ الشَّمْسِ أَوْ مَطَرَتْ دَمَا

[إذَا ما أَعَرْنَا سَيِّدًا مِنْ قَبِيلَةٍ ... ذُرَى مِنْبَرٍ صَلَّى عَلَيْنَا وَسَلَّمَا] " (١)

وقال: "وشبه قومٌ أبا نواس بالنابغة؛ لِمَا اجتمع له من الجزالة مع الرشاقة". (٢) ووصف عبد القاهر الجزالة فقال: "من البراعة والجزالة وشبههما مما ينبئ عن شرف


= ثعلب]: ويجوز أن تكون ذات كلام جزل، أي قوي شديد. واللفظ الجزل: خلاف الركيك". لسان العرب، ج ١١، ص ١٠٩.
(١) صفحة ٨٠ من طبعة أمين بمصر. - المصنف. القيرواني، أبو علي الحسن بن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق محمد عبد القادر عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٢٢/ ٢٠٠١)، ج ١، ص ١٣٢، ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ١٨٤ - ١٨٥ (وفيه: "أو تمطر الدما" عوض "أو مطرف دما"). والبيت الأول في: التجيبي، أبو الطاهر إسماعيل بن زيادة الله التجيبي البرقي: المختار من شعر بشار (اختيار الخالديين) وشرحه، تحقيق محمد بدر الدين العلوي (بيروت: دار المدينة، بدون تاريخ، وهو مصوير عن نشرة مطبعة الاعتماد)، ص ١٦٣. وسيأتي كلام المصنف على حقيقة هذا الكتاب عند الحديث عن ديوان بشار في أواخر دراسته: "بشار بن برد: حياته وشعره".
(٢) القيرواني العمدة، ج ١، ص ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>