للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظم. . ." (١)، وقال عند ذكر النظم: "أن تقتفيَ في نظم الكلام آثار المعاني وترتبها على حسب ترتيب المعاني في النفس". (٢)

وذكر ابنُ شرف القيرواني في "رسالة الانتقاد" الجزالة، فقال عند ذكر لبيد: "شعره ينطق بلسان الجزالة عن جنان الأصالة، فلا تسمع إلا كلامًا فصيحًا، ومعنى مبينًا صريحًا". (٣) وقال في ابن هانئ الأندلسي: "إلا إنه إذا ظهرت معانيه في جزالة مبانيه رمى عن منجنيق يؤثر في النيق" (٤)، فجعل الجزالة وصفًا للمباني، أي الألفاظ. وقال ابن الأثير في "المثل السائر" في المقالة الأولى في الصناعة اللفظية: "وقد جاءت لفظةٌ واحدة في آية وفي بيت، فجاءت في القرآن جَزْلةً متينة، وفي الشعر ركيكةً ضعيفة، فأثَّر التركيبُ فيها هذَيْن الوصفين الضِّدَّيْن. أما الآية فهي قوله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣]. وأما بيت الشعر، فهو قولُ أبي الطيب المتنبي:


(١) صفحة ٤٦ من كتاب دلائل الإعجاز، طبع مطبعة المنار. - المصنف. أورد المصنف كلامَ الجرجاني بتصرف، وقد جاء في سياق حديثه عن الفصاحة حيث قال: "وإن أخذنا بالثاني [من معنيي الفصاحة]، وهو أيكون تلاؤم الحروف وجهًا من وجوه الفضيلة، وداخلًا في عِداد ما يُفاضَل به بين كلام وكلام على الجملة، لم يكن لهذا الخلاف ضررٌ علينا؛ لأنه ليس بأكثر من أن نَعمِد إلى الفصاحة فنُخرجها من حيِّز البلاغة والبيان، وأن تكون نظيرةً لهما، وفي عِداد ما هو شبههما من البراعة والجزالة وأشباه ذلك، مما ينبئ عن شرف النظم". دلائل الإعجاز، نشرة شاكر، ص ٥٩.
(٢) صفحة ٣٩ من الكتاب المذكور. - المصنف. قال: "وأما نظم الكلم فليس الأمر فيه كذلك (أي كنظم الحروف وتواليها في النطق)؛ لأنك تقتضي في نظمها آثارَ المعاني، وتُرتِّبُها على حسب ترتُّب المعاني في النفس". دلائل الإعجاز، ص ٤٩.
(٣) القيرواني، أبو عبد الله محمد بن شرف: "رسائل الانتقاد"، تحقيق حسن حسني عبد الوهاب، ضمن مجموعة رسائل البلغاء، نشر محمد كرد علي (القاهرة: دار الكتب العربية الكبرى [مصطفى البابي الحلبي وأخويه]، ١٣٣١/ ١٩١٣)، ص ٢٤٤.
(٤) المرجع نفسه، ص ٢٥١. والنيق: الطويل من الجبال، وكذلك أرفع موضع في الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>