للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما لقصد الزيادة من الفعل، نحو: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: ١٣٦]، فطلب منهم الإيمان بعد أن وصفهم به لقصد الزيادة والتملي منه. وإما لاختلال الفعل حتى كان غير مجد لفاعله، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي رآه يصلي ينقر نقرَ الديك: "صلِّ فإنك لم تصل" (١).

وهذا كثيرٌ في كلامهم. وقد تتعلق النكتة بالمتكلم ليريَك أنه عالمٌ بالخبر، كقولك لصاحبك: سهرت البارحة بالنادي، وقول عنترة:

إِنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ الفِرَاقَ فَإِنَّمَا ... زُمَّتْ رِكَابُكُمُ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ (٢)

وعلامةُ هذا أن يكون الكلام دالًّا على أن المخاطب لا يجهل الخبر، فإنك إذا حدثته عن أحواله لا تقصد أن تعلمه بما هو معلوم لديه. وللكلام في قوة الإثبات والنفي مراتبُ وضروبٌ بحسب قدر الحاجة في إقناع المخاطب، فإن كان المخاطَبُ خالِيَ الذهن من الحكم ولا ترددَ له فيه، فلا حاجةَ إلى تقوية الكلام. وإن كان المخاطب متردِّدًا في الحكم، فالأحسن أن يُقَوَّى له الكلامُ بمؤكِّدٍ لئلا يصير ترددُه


(١) جزء من حديث عن أبي هريرة أن "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلى، فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد، وقال: "ارجع فصل، فإنك لم تصل". فرجع يصلي كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، ما أحسن غيره، فعلمني. فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها"". صحيح البخاري، "كتاب الأذان"، الحديث ٧٥٧، ص ١٢٣ والحديث ٧٩٣، ص ١٢٨؛ "كتاب الاستئذان"، الحديث ٦٢٥١، ص ١٠٨٨؛ "كتاب الأيمان والنذور"، الحديث ٦٦٦٧، ص ١١٥١؛ صحيح مسلم، "كتاب الصلاة"، الحديث ٣٩٧، ص ١٥٥؛ سنن الترمذي، "أَبوابُ الصَّلَاة"، الحديث ٣٠٢، ص ٩٤.
(٢) البيت هو الثالث عشر من المعلقة. القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢١٣؛ ديوان عنترة، ص ١٨٨ (نشرة مولوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>