للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتوقف بعض أنواع المجاز عليه. فالتشبيه الدلالة الصريحة على إلحاق شيءٍ بشيءٍ في وصف اشتهر فيه الملحق به، تقريبًا لكمال الوصف المراد التعبير عنه، كقولك: "هذا الفرس كالطائر في سرعة المشي" (١). والمراد بالصريحة ما كانت بلفظ دال على إلحاق ملفوظ أو مقدر، وخرج به الاستعارةُ والتجريد.

وأركانه أربعة: طرفاه وهما المشبَّه والمشبه به، ووجهُه وهو ما يشترك فيه الطرفان، وأدواتُه وهي ما يدل على الإلحاق.

أما الطرفان فقد يكونان حسيين، وهو الغالب. وقد يكونان عقليين، كتشبيه العلم بالنور، والسيوف بأنياب الأغوال. وأما وجه الشبه، فهو ما يتوهمه المتكلم وصفًا جامعًا، سواء كان ثابتًا في نفس الأمر كالشجاعة في الأسد أم كان ثابتًا في العرف كتشبيه العجوز بالسّعلاة وتشبيه المعاقب على ذنب غيره بسبابة المتندم حين يعضها في قول ابن شرف القيرواني (المتوفَّى سنة ٤٩٠ هـ):

غَيْرِي جَنَى وَأَنَا المُعَاقَبُ فِيكُمُ ... فكَأَنَّنِي سَبَّابَةُ المُتَنَدِّمِ (٢)

أم كان ثابتًا في الوهم والخيال، كتشبيه النجوم في الظلام بالسنن في خلال الابتداع في قول القاضي التنوخي (المتوَفَّى سنة ٣٤٢ هـ):


(١) إنما زدت قيد الصريحة في تعريف التشبيه لإخراج ما دل على مشاركة أمر لأمر في وصف دلالةً غير صريحة، وذلك أنواع الاستعارة؛ لأن صورة الاستعارة لا تنبئ بالمشاركة، بل هي إثباتُ الوصف لمن ليس متصفًا به، وإنَّما قصد التشبيه بالقرينة، كما يأتي. وخرج أيضًا التجريد الآتي في فن البديع، فلا حاجة إلى ما أطال به صاحب التلخيص. كما أننا عدلنا عن لفظ المشاركة الواقع في التلخيص لئلا يرد نحو تضارَب. - المصنف.
(٢) وفي هذا البيت قصة حصلت بين ابن شرف وبلديِّه ابن رشيق القيرواني الذي اتهمه بأخذ البيت من النابغة الذبياني وإفساده. انظر: القزويني: الإيضاح، ص ١٧١ - ١٧٢ (وفيه "المعاتب" عوض "المعاقب"، وهو تحريف كما يشهد لذلك تعليق ابن رشيق على البيت).

<<  <  ج: ص:  >  >>