للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَأَنَّ النُّجُومَ بَيْنَ دُجَاهَا ... سُنَنٌ لَاحَ بَيْنَهُنَّ ابْتِدَاعُ (١)

والأكثرُ حذفُه في الكلام، وقد يُذكر لِخفائه. وأداتُه الكاف، وكأن، ومثل، وشبه، ومثل، ونحوها. وهي إما ظاهرة نحو: كالبحر وكلامه كالدر، أو مقدرة نحو: هو أسد، وقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: ١٨]. ويُسَمَّى بالتشبيه البليغ، وليس باستعارة على أصح القولين.

واعلم أن وجهَ الشبه إذا كان وصفًا منتَزَعًا من أمرين فأكثر سُمِّيَ ذلك التشبيهُ تشبيهَ التمثيل، سواء كان طرفاه مُركَّبين كقول بشار:

كَأَنَّ مُثَارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا ... وَأَسْيَافِنَا لَيْلٌ تهَاوَى كَوَاكِبُهْ (٢)

أم كان أحدُهما أو كلاهما مفردًا، كقول النابغة:


(١) البيت من بحر الخفيف وهو من جملة أبيات أوردها الثعالبي في أثناء ترجمته له. الثعالبي: يتيمة الدهر، ج ٢، ص ٣٩٤. والبيت كذلك في: الرازي، فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين: نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، تحقيق نصر الله حاجي مفتي أوغلي (بيروت: دار صادر، ط ١، ١٤٢٤/ ٢٠٠٤)، ص ١٠٥؛ القزويني: الإيضاح، ص ١٦٩. والقاضي التنوخي هو أبو القاسم علي بن محمد بن داود بن فهم، كان على صلة بالوزير المهلبي. ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر والعباسي في معاهد التنصيص وغيرهما ترجمة مفصلة.
(٢) المختار أن الواو للمعية. - المصنف. ديوان بشار برد، ج ١/ ١، ص ٣٣٥. وفيه "رؤوسهم" عوض "رؤوسنا". قال المصنف (وهو محقق الديوان): "وكتب في الديوان: فوق رؤوسهم، ورواية الأغاني وأكثر كتب العربية: رؤوسنا. والرواية التي في الديوان أرشق؛ لأن النقع وإن كان فوق رؤوس الفريقين، إلا أن الشاعر أراد أن يتوصل بجعل النقع فوق رؤوس الأعداء إلى إفادة أن سيوف جيش قومه كانت واقعةً على رؤوس الأعداء مع ذلك النقع؛ لأن أسيافنا معه أو معطوف عليه، ولو قال: فوق رؤوسنا لما كان لذكر الرؤوس خصوصية، إذ يكفيه أن يقول: فوقنا. وهذا البيت هو الذي أكسب بشارًا شهرة في النبوغ في الشعر، وذلك أنه جمع فيه تشبيه مركب بمركب، فجمع تشبيهين في تشبيه". (الحاشية ٢ على الصفحة نفسها).

<<  <  ج: ص:  >  >>