للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعبد الله بن رواحة: "كيف تقول الشعر؟ " فقال: "انظر ثم أقول". (١)

وأما التناسُبُ بين المعاني ففيه يبحث بابُ الفصل والوصل من علم البلاغة، وكذلك المطابقة المبحوث عنها في البديع، والمزاوجة أيضًا.

وأما التفكيكُ والتقسيمُ فهما متشابهان، إلا أن التفكيكَ عبارةٌ عن استقلال كلِّ معنى بنفسه، وعدم تراكم المعاني، المسمى بالمعالظة، المعدود قديمًا من عيوب الكلام. وقد مدح عمر - رضي الله عنه - زهيرًا بأنه لا يعاظِلُ بين الكلامين (٢). وذلك أن المتكلِّم


(١) عن عبد الله بن رواحة قال: "بينا أنا أجتاز في المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه إذ قال القوم: يا عبد الله بن رواحة، فظننت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعونِي فجئت قال: "اجلس يا عبد الله بن رواحة، كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول؟ " قلت: انظر ثُمَّ أقول. قال: "عليك بالمشركين"، ولم أكن أعددت لذلك شيئًا فقلت:
فَخَبِّرُونِي أَثْمَانَ الْعَبَاءِ مَتَى كُنْتُمْ ... مَطَارِيقَ أَوْ دَانَتْ لَكُمْ مُضَرُ
فنظرت الكراهيةَ في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جعلت قومه أثمان العباء، فنظرت ثم قلت:
يَا هَاشِمَ الْخَيْرِ إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى الْبَرِيَّةِ فَضْلًا مَالَهُ غِيَرُ
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفْتُهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا
وَلَوْ سأَلْتَ أوِ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمْ ... فِي جُلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلَا نَصَرُوا
فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حُسْنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
قال: "وأنت فثبتك الله يا ابن رواحة". الهيثمي: بغية الرائد، "كتاب الأدب"، الحديث ١٣٣٣٤، ج ٨، ص ٢٣٠ - ٢٣١. وقال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله ثقات، إلا أن مدرك بن عمارة لم يدرك ابنَ رواحة".
(٢) روى أبو زيد عن أبي عبيدة عن الشعبي يرفعه إلى ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "خرجنا مع ابن الخطاب في سفر فقال: ألا تزاملون؟ أنت يا فلان زميل فلان، وأنت يا فلان زميل فلان، وأنت يا ابن عباس زميلي، وكان لي محبًّا مقرِّبا، وكان كثيرٌ من الناس ينفسون علي لمكاني منه. قال: فسايرته ساعة ثم ثنى رجله على رحله، ورفع عقيرته ينشد:
وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحِلِهَا ... أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
ثم وضع السوطَ على رحله، ثم قال: أستغفر الله العظيم، ثم عاد فأنشد حتى فرغ ثم قال: يا ابن عباس ألا تنشدني لشاعر الشعراء؟ ! فقلت: يا أمير المؤمنين، ومن شاعر الشعراء؟ قال زهير! =

<<  <  ج: ص:  >  >>