للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضروب الحجة، وهو ما يتركب من قياسات مظنونة أو محمولة على الصدق (١). وأما المعنيُّ بها عند علماء الأدب، فهو شاملٌ لجميعِ أقسامِ الحجة؛ إذ الخطيبُ قد يأتي بجميعِها وإن كان الغالبُ عليه بيانَ القياسات المظنونة؛ إذ هو لا يتعرض للقطعِيَّات إلا عند الاحتجاج بها، ولا يتعرَّضُ للشعر والسفسطة إلا نادرًا، لئلا يُعرِّضَ نفسَه للتكذيب أو الاستخفاف.

فيُمكِنُ أن نعَرِّفها بأنها "كلامٌ يُحَاوَلُ به إقناعُ أصنافِ السامعين بصحة غرضٍ يقصده المتكلِّمُ لفعله أو الانفعال به". فقولُنا "كلام" خرجت به الرسائلُ العامة، والمكاتيب، والتقاليد الموجَّهة للبلدان (٢). وشمل ذلك الكلامَ المنظوم والمنثور؛ إذ يجوز أن تشتمل الخطبةُ على نظمٍ أو يكون جلُّها نظمًا كما سيأتي.


= الكلامُ في الحدود والرسوم نقلوها من كتاب البرهان، وحذفوا كتاب المقولات؛ لأن نظر المنطقِيِّ فيه بالعرَضِ لا بالذات، وألحقوا في كتاب العبارة الكلامَ في العكس وإن كان من كتاب الجدل في كتب المتقدمين، لكنه من توابع الكلام في القضايا ببعض الوجوه. ثم تكلموا في القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم، لا بحسب مادةٍ، وحدقوا النظرَ فيه بحسب المادة وهي الكتب الخمسة: البرهان والجدل والخطابة والشعر والسفسطة، وربما يلم بعضهم باليسير منها إلمامًا، وأغفلوها كأنْ لم تكن هي المهم المعتَمَد في الفن، ثم تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلامًا مستبحَرًا، ونظروا فيه من حيث إنه فنٌّ برأسه لا من حيث إنه آلةٌ للعلوم، فطال الكلام فيه واتسع". مقدمة ابن خلدون، ص ٤٧٦. وقد قرر الأخضريُّ مكانةَ الكتب الخمسة التي ذكرها ابن خلدون فقال:
خَطَابَةٌ شِعْرٌ وَبُرْهَانٌ جَدَلْ ... وَخَامِسٌ سَفْسَطَةٌ نِلْتَ الأَمَلْ
القويسني، الشيخ حسن درويش: شرح القويسني على متن السلم في المنطق لعبد الرحمن الأخضري (القاهرة: شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ١٣٧٩/ ١٩٥٩)، ص ٤٤.
(١) انظر في ذلك مثلًا: أرسطو طاليس: الخطابة، الترجمة العربية القديمة، حققه وعلق عليه عبد الرحمن بدوي (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، ١٩٥٩)، ص ٩ - ١٩؛ ابن سينا: ريطوريقا، تحقيق محمد سليم سالم وتصدير إبراهيم مدكور، ضمن كتاب الشفا: المنطق (قم: منشورات ذوي القربى، ١٤٢٨ هـ)، ج ٥/ ٨، ص ١ - ٢٨ و ١٧٦ - ١٨٧؛ ابن رشد: تلخيص الخطابة، ص ٤ - ٢٥.
(٢) مثل ما صدر عن الوزير أبي القاسم ابن الجد الأندلسي إلى أهل غرناطة عن لسان أمير المسلمين. انظر صحيفة ١١٣ من قلائد العقيان. - المصنف. - قلائد العقيان، ص ٢٦٨ - ٢٦٩ (نشرة ابن عاشور) وج ١، ص ٣٣٣ - ٣٣٤ (نشرة خريوش).

<<  <  ج: ص:  >  >>