للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد رُويَ أن عمر - رضي الله عنه - كان همَّ أن يخطب في الحج في أمر الخلافة لَمَّا بلغه أن امرؤًا قال: لئن مات عمرُ لأُبايعنَّ فلانًا، فما كانت بيعةُ أبي بكر إلا فلتة فتمت. فقال له ابن عباس رضي الله عنهما: "يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاعَ الناس، فربما سمعوا منك الكلمةَ فطيروها عنك كل مطير، فتربَّص إلى أن ترجع إلى المدينة فتخلص إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل العلم". (١) فرأيُ حَبرِ الأمة وموافقة عمر رضي الله عنهما أدلُّ دليلٍ على أن من الأغراض ما يُضَنُّ به عن غيرِ أهله. وفي الحديث: "لا تؤتوا الحكمةَ غيرَ أهلِها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلَها فتضيِّعوها". (٢) فبذلك فلْتَقْتَدُوا.


(١) ساق المصنف المحاورة التي جرت بين عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - بتصرف واختصار. انظر: صحيح البخاري، "كتاب الحدود"، الحديث ٦٨٣٠، ص ١١٧٦ - ١١٧٧؛ البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي: البحر الزخار المعروف بمسند البزار، تحقيق عادل بن سعد (المدينة المنورة: مكتبة العلوم والحكم، الطبعة الأولى، ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، الحديث ١٩٤، ج ١، ص ٢٩٩ - ٣٠٢ (مسند عمر بن الخطاب).
(٢) أخرجه ابن عبد البر بصيغة التمريض: "ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "قام أخي عيسى - عليه السلام - في بني إسرائيل خطيبًا فقال: يا بني إسرائيل، لا تؤتوا الحكمةَ غيرَ أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلَها فتظلموهم". ابن عبد البر القرطبي، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد: جامع بيان العلم وفضله، تحقيق مسعد عبد الحميد السعدني (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، "باب آفة العلم وغائلته وإضاعته وكراهية وضعه"، الحديث ٤٩١، ص ١٥٣ (ولم يخرجه محقق الكتاب). وأخرجه الديلمي من حديث ابن عباس دون قوله "فتظلموها"، وجاء عنده بلفظ "لا تكلموا" عوض "لا تؤتوا". الديلمي، أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه: الفردوس بمأثور الخطاب (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٠٦/ ١٩٨٦)، الحديث ٤٦٣٣، ج ٣، ص ٢١٨. وأخرجه بلفظ مختلفٍ ابنُ عساكر عن محمد بن كعب (القرظي) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل قال: يا معشر الحَوَاريين لا تحدثوا بالحكمة غيرَ أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلَها فتظلموهم. والأمور ثلاثة: بَيِّنٌ رشدُه فاتبعوه، وأمرٌ تبيَّن لكم غيُّه فاجتنبوه، وأمرٌ اختلف عليكم فيه فردُّوا علمَه إلى الله تعالى". ابن عساكر: تاريخ دمشق، ج ٥٧، ص ٤٥٨. وقد رواه القاضي عياض في: الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، تحقيق السيد أحمد صقر (القاهرة: دار التراث/ تونس: المكتبة العتيقة، ط ١، ١٣٨٩/ ١٩٧٠)، ص ٢٣٣؛ وأورده العجلوني في: كشف الخفاء، الحديث ٣١٢٤، ج ٢، ص ٣٧٣؛ وذكره الماوردي من قبل في: كتاب أدب الدنيا والدين، ص ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>