للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسُها المواظبةُ، فيُشترط في الخطيب أن يكون غيرَ هيابٍ ولا وجل، مع تكرير التكلم، وعدم الاكتراث في أول الأمر بالإجادة. وقد عرفتَ ما نُقِلَ عن عمرو بن سعيد الأشدق وعن ديموستين الخطيب (١) اليوناني؛ إذ كان كلٌّ منهما في أول أمره عييًّا، فعالج بالمواظبة والتدرب حتى صار أفصحَ خطباء زمانه.

هذا غايةُ ما تعين تحريره من فنِّ الخطابة لأبناء الأدب، السامية هممُهم لمراقي الفنون، الأَبِيَّةُ نفوسُهم من الاقتناع بالدون. فإذا انعطف عليه صنوُه السالف (٢)، والتفَّ به التفافًا يبسط الوارف، جاء بحمد الله تعالى كتابًا وافيًا بما لا غِنًى عن معرفته للمنشئ والخطيب، كافيًا عن المطوَّلات بلمحةٍ تغني اللبيب.


(١) سبق التعريف بكل من الأشدق وديموستين.
(٢) يقصد المصنف ما سبق من كلام على الإنشاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>