للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتمة الشرح (١): "قد سهل الله، وله الحمد تعالى جَدُّه، بلوغَ المنتظَر مِن تتميم شرح هذا الاختيار. والله بمنه وطَوْله ينفعكَ وإيَّانَا به، ويعينُك على تفهمه. . ." إلخ (٢). وفيما حكاه المرزوقيُّ عن هذا المخاطَب من السؤال ما يدُلُّ على أنه من الممارِسين للأدب، الواقفِين على جياده، ولكنه لم يبلغ مبلغَ أئمة علم الأدب والنقد. فلذلك أوى إلى المرزوقي في كشف حقائقها؛ إذ كان المرزوقيُّ يُلقَّب بالإمام.

وقوله "جاريتني" هكذا ثبت في جميع النسخ. ومعناه حادثتني فيه، قال في لسان العرب: "وجاراه الحديثَ وتجارَوْا فيه" (٣)، فاستُعيرت المجاراةُ تمثيلًا لحال المتحادِثَيْن بحال الفارسَيْن يجربان. ومن هذا القبيل قولُهم تساجلَا الشعرَ، وتسايرا المجادلة. وقد أعاد المؤلفُ هذا اللفظَ في خاتمة الشرح إذ قال: "فإني لم أدركه إلا بمجاراةٍ لشيوخ الصناعة فيه". (٤) (٥)


(١) عن نسخة الآستانة. - المصنف.
(٢) شرح ديوان الحماسة، ج ٤، ص ١٨٨٥ (نشرة عبد السلام هارون).
(٣) ابن منظور: لسان العرب، ج ١٤، ص ١٤١.
(٤) في نشرة عبد السلام هارون: "فإني لم أدركه إلا في مدة طويلة لا أذكر طرفيها، وبمجاهدات لشيوخ الصناعة عجيبة لا أنسى مجاذباتي فيها". شرح ديوان الحماسة، ج ٤، ص ١٨٨٦.
(٥) جاء بعد هذا الموضع الفقرة الآتية في نص الشرح بالمجلة، ورأينا مناسبةَ جلبها هنا لما لها من قيمة تاريخية، قال المصنف: "وذكر الأستاذ الناشر في التعليق على هذه العبارة أن الأستاذ محمد أحمد خلف غيّر عبارة "جاريتني" فجعلها "جاذبتني"، واعتلّ لذلك بأن المؤلف قال بعد صفحات "أمنًا من المجاذبين"، وهو تغيير يخالف النُّسخَ كلَّها ولا داعيَ إليه إذ لا يتعين أن يكون المؤلف ملتزمًا عبارةً واحدة في كلامه، كيف وهو من المتفننين؟ ولأن لقوله "المجاذبين" فيما بعد معنى يناسب سياقَ الكلام هناك، وسنبينه في موضعه. وكلا الأمرين - المجاراة والمجاذبة - من شؤون محاورات أهل العلم، قال الزمخشري في ديباجة "الكشاف" في وصف العالم المفسر: "قد رجعَ زمانًا ورُجِع إليه، ورَد ورُد عليه". قلت: أما كلام الزمخشري فانظره في: الزمخشري، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، نشرة بعناية محمد عبد السلام عبد الشافي (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤١٥/ ١٩٩٥)، ج ١، ص ٧. وأما الأستاذ المذكور فلعله الدكتور محمد أحمد خلف الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>