للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"حتى تصير جوانبُها محفوظةً من الوهن وأركانها محروسة من الوهي إذ كان لا يُحكم للشاعر أو عليه بالإساءة أو بالإحسان إلا بالفحص عنها وتأمّل مأخذه منها ومدى شأوه فيها" (١)، "المدى" الغاية، و"الشأو" السبق، أي منتهى ما سبق فيه شاعرٌ غيرَه من الشعراء.

"وتمييز المصنوع مما يحوكه من المطبوع، والأَتِيِّ المستسهل من الأبِيَّ المستنكَر" (٢)، سيأتي للمؤلف ذكرُ المصنوع والمطبوع بعد ذكر الأبواب السبعة التي هي عمود الشعر ونشرحه هنالك.

و"الأتي" ما يجلبه الساقي إلى أرضه من السيل أو النهر بأن يحفر به حفيرًا يجري فيه الماء، قال النابغة يذكر جاريةً ضربت في الأرض حفيرًا بالمسحاة لصرف الماء عن بيت أهلها:

خَلَّتْ سَبِيلَ أتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ ... ورَفّعَتْهُ إلى السَّجْفين فالنَّضَدِ (٣)

والمؤلف أراد بالأَتِيِّ السهل، ولذلك أتبعه بوصف المستسهل وصفًا كاشفًا، وقد أتبعه فيما يأتِي بوصف السمح في صفحة ٨٨ سطر ٦ من النشرة. و"الأَبِيُّ" فعيل من أمثلة المخالفة، وأصلُه الرجل المتعاصي غير المطواع. وقد استعاره المؤلفُ للكلام الذي يبدو عليه التكلُّف، ولذلك أَتبعه بوصف المستنكَر والمستكرَه، وأتبعه فيما يأتي بوصف الصعب (٤).


(١) المصدر نفسه.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) البيت هو الخامس من قصيدة يمدح فيها النابغة النعمان بن المنذر ويعتذر إليه مما بلغه عنه، وطالعها:
يَا دَارَ مَيَّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ ... أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَبَدِ
ديوان النابغة الذبياني، ص ١٥ (نشرة محمد أبو الفضل إبراهيم) وص ٧٧ (نشرة ابن عاشور).
(٤) انظر صفحة ٨٨ سطر ٧ من النشرة. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>