للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووفاة الأشعري تأخرت عن رأس القرن إلى بعد العشرين (١). . . وعندي لا يبعد أن يكون كلٌّ منهما مبعوثًا، هذا في فروع الدين وهذا في أصوله، وكلاهما شافعي. وأما المائة الرابعة فقد قيل: إن الشيخ أبا حامد الإسفراييني هو المبعوث فيها، وقيل: بل الأستاذ سهل [بن أبي سهل] الصعلوكي، وكلاهما من أئمة الشافعيين. قلت: والخامس الغزالي، والسادس فخر الدين الرازي، ويحتمل أن يكون الرافعي؛ لأن وفاته تأخرت إلى بعد العشرين وستمائة، والسابع الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد". (٢)

فهذا حاصلُ كلام ابن السبكي بعد تجريده من التطويل، وقد قَفَّى جلالُ الدين السيوطي على أثر تاج الدين ابن السبكي، ورجا لنفسه أن يكون هو مجددَ المائة التاسعة. (٣) وكلاهما حجَّر واسعًا من نعمة الله، فاحتكراها لعلماء الشافعية. ولا أعجبَ من إصرار السبكي في مطاوي ذلك أن يومئ إلى أن الدينَ عنده هو مذهبُ الشافعي إذ يقول: "ووجدنا جميعَ مَنْ قيل إنه المبعوثُ في رأس كل مائة مِمَّنْ تَمَذْهَبَ بمذهب الشافعي؛ فعلمنا أنه (أي الشافعي) الإمامُ المبعوث الذي استقر أمرُ الناس على قوله، وبعث بعده في رأس كل مائة سنة من يقرِّر مذهبه"، (٤) وإذ يقول في منظومةٍ له نظمَ فيها المجددين على حسب اختياره:


(١) هذا غلط أعظم؛ فإن اعتبار البعث بوقت الوفاة عبث. - المصنف.
(٢) السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، ج ١، ص ٢٠٠ - ٢٩٢. وقول السبكي إنه لا يبعد أن يكون كل من ابن سريج والأشعري مبعوثين على رأس المائة الثالثة، هذا في أصول الدين وذاك في الفقه، إنما هو قول شيخه الذهبي كما ذكر هو نفسه. المرجع نفسه، ج ٣، ص ٢٦.
(٣) قال المناوي في شرح مقدمة الجامع الصغير للسيوطي: "وأومأ المصنفُ هنا وصرح في عدة [من] تآليفه بأنه المجددُ على رأس المائة التاسعة. قال في بعضها: قد أقامنا الله في منصب الاجتهاد لنبين للناس ما أدى إليه اجتهادُنا تجديدًا للدين، هذه عبارة. وقال في موضع آخر: ما جاء بعد السبكي مثلي، وفي آخر: الناس يدعون اجتهادًا واحدًا، وأنا أدعي ثلاثًا، إلى غير ذلك. وقد قامت عليه في زمنه بذلك القيامة، ولم تسلم له في عصره هامة، وطلبوا أن يناظروه فامتنع، وقال: لا أُناظَرُ إلا من مجتهدٍ مثلي، وليس في العصر مجتهد إلا أنا، كما حكى هو عن نفسه". فيض القدير، ج ١، ص ١١.
(٤) السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، ج ١، ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>