و"الأعطاف" جمع عِطف (بكسر العين)، وهو قارعة الطريق. والأرداف جمع رِدف، وهو التابع الموالِي. وكأنه أراد بها أردافَ الأعطاف أي الطرق المتفرعة عنها، فصار ذانك اللفظان استعارتين لأصول أساليب الإنشاء ولما يتبع تلك الأصول من المحسِّنات، كما يشير إليه قولُه الآتي:"ومنهم من لم يرض بالوقوف على هذا الحد"، وقوله:"ومنهم مَنْ تَرَقَّى إلى ما هو أشق".
قال السكاكي في مفتاح العلوم عند انتهاء كلامه على محسنات البديع:"وأصلُ الحسن في جميع ذلك أن تكون الألفاظُ توابعَ للمعاني، أعني أن لا تكون متكلَّفة". (١) و"المنادح" جمع مندوحة، وهي الأرض المتسعة، والتنازح مشتق من نزح عن المكان إذا بعد. و"الأقطار" جمع قطر (بضم القاف وسكون الطاء)، وهو الناحية المعينة من الأرض والبلدان. والمظان جمع مَظِنّة (بفتح الميم وكسر الظاء) على خلاف القياس في بناء اسم المفعلة، أي المكان الذي يُظَنُّ وجودُ شيء ما فيه.
و"المعالم" جمع معلم (بفتح اللام)، وهو اسم المكان الذي يُعلم أنه كان منزل قومٍ، ومعالمُ القوم منازلهُم التي بها آثارهم، وهي مشتقة من العلم. فلذلك حَسُن جمعُ المؤلف بينها وبين المظان إيماءً إلى مراتب المعرفة بين علم وظن، فأراد بالمظان القواعدَ النظرية التي أنتجها الظن وبالمعالم القواعدَ القطعية التي هي قواعدُ الفن الناشئة عن استقراء الأدب العربي. و"على" من قوله: "على اتساعها" هي بمعنى مع. وهو معنى يعرض كثيرًا في حرف على، يعني أن تفاوتَ الأقدار تابعٌ لاتساع أساليب الأدب ولمقدار إحاطة الأديب بتلك الأساليب، وذلك أن حق "مع" أن تدخل على المتبوع فكذلك "على" التي هي بمعناها.
(١) أورد المصنف كلام السكاكي بشيء من التصرف، ولفظه: "وأصل الحسن في جميع ذلك [يعني أنواع البديع] أن تكون الألفاظُ توابعَ للمعاني لا أن تكون المعاني لها توابع". مفتاح العلوم، ص ٥٤٢ (نشرة هنداوي).