للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْطُرُ بين بني أسد بالشعر الجزل، وإذا بشار فارسيُّ الأصل يصفه بنو عُقيل بالقرم والفحل، وإذا خلفاء الأمة العربية وأُمراؤها يرفعون على أرائكهم من ترقرق بشعره ماءُ الفصاحة ورواؤها. وما تلك إلا منقبةٌ من مناقبها، تشَرِّف بينهم من قصَّر به جِذمُه، وتشهد بأن قيمة المرء عندهم نفسُه وعلمه. حتى قال قائلُهم: "إن العباءة لا تكلمك، وإنما يكلمك من فيها" (١)، وحتى شهدت لهم بتقدير قدر الكمال الدنيا بملء فيها.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل: "إنما المرء بأصغريه" (٢)، صلاةً وسلامًا ينطق بهما المسلم بملء شدقيه، ويعمان صحبَه وآله ومَنِ انتمى إليه.


= ابن أيبك: الوافي بالوفيات، تحقيق أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط ١، ١٤٢٠/ ٢٠٠٠)، ج ١٥، ص ٧٦؛ ديوان سحيم عبد بني الحسحاس، تحقيق عبد العزيز الميمني (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، ١٣٦٩/ ١٩٥٠)، ص ٥ - ٦ وص ٥٥.
(١) روى ابن قتيبة: "نظر معاوية [بن أبي سفيان] إلى النخَّار العذري الناسب في عباءة فازدراه في عباءة، فقال: يا أمير المؤمنين إن العباءة لا تكلمك، وإنما يكلمك مَن فيها". الدينوري، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: عيون الأخبار (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، ط ٢، ١٩٩٦)، ج ١، ص ٢٩٧. وعبارة "في عباءة" الواردة بعد قوله: "فازدراه" وردت هكذا في الأصل، ويبدو أنها زيادة.
(٢) بهذا اللفظ أورده العجلوني، وقال: "أي بلسانه وقلبه. قال النجم: ذكره السيوطي في مختصر النهاية من زياداته عليها، ونقل تفسيره المذكور عن الفارسي وابن الجوزي". العجلوني، إسماعيل بن محمد: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس (القاهرة: مكتبة القدسي، ١٣٥١ هـ)، الحديث ٢٥٠٧، ج ٢، ص ٢٩٦. والصواب أنه ليس بحديث، وإنما هو قولة لشقة بن ضمرة بن جابر النهشلي قالها حين مثل بين يدي المنذر بن ماء السماء لأمر طلبه فيه فجرت مثلًا، قال المفضل الضبي: "وأرسل المنذر إلى الغِلمة (أي الغلام) وقد مات ضَمرة، وكان ضمرة صديقًا له (يعني للمنذر)، فلما دخل عليه الغلِمةُ [يعني شقة بن ضمرة] وكان يسمع بشقة ويُعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه المنذر قال: تسمع بالمُعَيْدِيِّ خير من أن تراه [ازدراءً له لما رأى من قصر قامته]، فأرسلها مثلًا. . . قال له شقة: أسعدك إلهُك، إن القوم ليسُوا بجُزْر، يعني الشاء، إنما المرءُ بأصغريه بقلبه ولسانه. فأعجب الملك [المنذر] كلامُه، وسره ما رأى منه، فسماه ضمرة باسم أبيه فهو ضمرة ابن ضمرة، وذهب قوله: إنما يعيش الرجل بأصغريه، مثلًا". الضبي، المفضل: أمثال العرب ويليها أسرار الحكماء لياقوت المستعصمي (القسطنطينية: مطبعة الجوائب، ط ١، ١٣٠٠ هـ)، ص ٩. وانظر: الميداني: مجمع الأمثال، ج ١، ص ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>