للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بشار يُكَنَّى أبا معاذ، وكان يُلقَّب بالمرعَّث (بفتح العين المشددة)، والرَّعَث (بالتحريك) الاسترسال والتساقط، أو هو مشتق من رَعْثَة الديك وهي اللحمة الحمراء المتدلية على حنك الديك. وقيل: لُقِّب بذلك بسبب وقوع هذه الكلمة في شعره، إذ يقول:

قَالَ رِيمٌ مُرَعَّثٌ ... سَاحِرُ الطَّرْفِ وَالنَّظَرْ

لَسْتَ وَالله نَائِلي ... قُلْتُ أَو يَغْلِبَ القَدَرْ (١)

فيكون من جملة الشعراء الذين لُقبوا بكلمات وقعت في أشعارهم. وقيل: لأنه حين كان صغيرًا كان في أذنيه قُرطان، والقُرط يسمى الرَّعثَة. وقيل لأنه كان لقميصه جَيْبانِ يمينًا وشمالًا، فشُبِّهت تلك الجيوبُ بالرَّعثة (٢)، يدل لهذا قولُه في ورقة ١٤٨:

لمَّا رَأَتْ لمْحَةً مِنِّي مُرَعَّثَةً ... خُضْرًا وَحُمْرًا وَصُفْرًا بَيْنَهَا جُدَدَا

قَالَتْ لِتِرْبٍ لَهَا كَانَتْ مُوَطَّنَةً ... جَاءَ المُرَعَّثُ فَاثْنِي عِنْدَكِ الوُسُدَا (٣)


= وانظر الأبيات الثلاثة في: ديوان أبي نواس. نشرة بعناية وشرح محمد أفندي واصف (القاهرة: المطبعة العمومية بمصر، ١٨٩٨)، ص ١٨٠؛ ديوان أبي نواس (بيروت: دار صادر، بدون تاريخ)، ص ٣٣٨، وسيذكرها المصنف في موضع قادم.
(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٤٠ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٤٤ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٩٤ - ٩٥.
(٢) قال الجاحظ: "وكان لِجُرُبَّان قميص بشار الأعمى وجُبْهته لبنتان، فكان إذا أراد نزعَ شيء منها أطلق الأزرار فسقطت الثياب على الأرض، ولم ينزع قميصه من جهة رأسه قط". البيان والتبيين، ج ٢/ ٣، ص ٧٥. وفي كتاب الأغاني (ج ٣، ص ١٤٠): "إنما سُمِّيَ بشارٌ المرعَّثَ؛ لأنه كان لقميصه جيبان: جيبٌ عن يمينه وجيب عن شماله، فإذا أراد لُبسَه ضمه عليه من غير أن يدخل رأسه فيه، وإذا أراد نزعَه حلَّ أزراره وخرج منه. فشُبِّهت تلك الجيوب بالرعثات لاسترسالها وتدليها، وسمي من أجلها المرعَّث". وقال أيضًا: "لُقِّب بشارٌ بالمرعَّث لأنه كان في أذنه وهو صغير رِعاث. والرِّعاثُ: القِرَطَة، واحدتها رَعْثة، وجمعها رِعاث ورعثات. ورَعَثاتُ الديك: اللحم المتدلي تحت حنكه".
(٣) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ١٤١. والبيت من قصيدة طويلة من بحر الخفيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>