للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدح المهدي بقصيدة فلم يُجزه، فقيل له: "إنه لم يستجد شعرك، فقال: والله لقد قلتُ شعرًا لو قيل في الدهر لم يُخْشَ صَرْفُه على أحد، ولكنا نكذِبُ في القول فنُكذَبُ في الأمل". (١)

وقال له أبان بن عبد الحميد: "يا أبا معاذ، أنت القائل:

إِنَّ فِي بُرْدَيَّ جِسْمًا نَاحِلًا ... لَوْ تَوَكَّأْتِ عَلَيْهِ لانْهَدَمْ (٢)

وأنت القائل:

فِي حُلّتي جِسْمُ فَتًى نَاحِلٍ ... لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ بِهِ طَاحَا

قال: نعم، قال: فما حملك على هذا الكذب؟ والله إنِّي لأرى لو أن الله بعث الرياحَ التي أهلك بها الأممَ الخاليةَ ما حرّكتْك من موضعك! ولكنْ ما سلب الله سراجَيْ أحدٍ إلا عوّضه الله منهما ذكاء قلب أو شجا صوت، فما الذي عوضك الله منهما؟ فقال بشار: عدم النظر إلى ابن فاعلة مثلك منذ أربعين سنة! " (٣)


(١) المصدر نفسه، ص ٢١٦؛ وانظر كذلك ص ٢٤٠.
(٢) ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ١٨٨.
(٣) من مجموعة عتيقة أظنها لأبي القاسم الأصفهاني بخزانة جامع الزيتونة، عدد ٤٥١٦. - المصنف. والأصفهاني هو أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصفهاني، وهو غير الراغب الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني. له كتاب "الحجة في بيان المحجة" و"الواضح في مشكلات شعر المتنبي"، وله يُنسب كتاب "درة التنزيل وغرة التأويل" في التفسير الذي ينسب كذلك للراغب الأصفهاني وللخطيب الإسكافي. وذكر أبو الفرج الأصفهاني رواية قريبة من هذه نسبها إلى بعض الكوفيين. كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢١٤ - ٢١٥ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٩٥ - ٦٩٦ (نشرة الحسين). وذكر القالي في ذيل أماليه أن رجلًا قال لبشار: "إنه لم يذهب بصرُ رجل إلا عُوض من بصره شيئًا، فما عوضت أنت من بصرك؟ قال: أن لا أراك فأموت غمًّا". كتاب الأمالي، ص ٥٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>