للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتبَاشَرَ (١) عامّةُ أهل البصرة بموته، وهنّأ بعضهم بعضًا، وتصدقوا. ورُويَ أنه لم يبق أحدٌ من أشراف البصرة إلا مُنِيَ بشيء من هجاء بشار أو اتقى هجاءه، فكانت حياتُه أثقلَ شيء على الناس، ولم يكن له بها صديق. ودفن في قبر حمّاد عجرَد الذي قُتل على تهمة الزندقة سنة ١٦٦ هـ. وكتب أبو هشام الباهلي على قبرهِما:

قَدْ تَبِعَ الأَعْمَى قَفَا عَجْرَدٍ ... فَأَصْبَحَا جَارَيْنِ في دَارِ

قَالَتْ بِقَاعُ الأَرْضِ لَا مَرْحَبًا ... بقُرْبِ حَمَّادٍ وَبَشَّارِ (٢)

تَجَاوَرَا بَعْدَ تَنَائِيهِمَا ... مَا أَبْغَضَ الجَارَ إِلَى الجَارِ

صَارَا جَمِيعًا فِي يَدَيْ مَالِكٍ ... فِي النَّارِ وَالكَافِرُ فِي النَّارِ

ذكر مجموعَ هذا صاحب "الأغاني"، والصفدي في شرح رسالة ابن زيدون، والبغدادي في خزانة الأدب، والوطواط في غرر الخصائص (٣). وقد قيل إن سبب قتله أنه كان هجا يعقوب بن داود وزير المهدي، وعرَّض به إلى المهدي، فقال:

بَنِي أُمَيَّةَ هُبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ ... إِنَّ الخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُودِ! (٤)

ثم هجا المهديَّ في مجلس ببيتين:


(١) أي بشر بعضُهم بعضًا بموته، كما يمكن أن تعني هذه الصيغة: استبشروا.
(٢) في "الأغاني": "بروح" بدل "بقرب".
(٣) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٤٤ - ٢٤٩ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١٨ - ٧١٩ (نشرة الحسين)؛ البغدادي: خزانة الأدب، ج ٣، ٢٣٠ - ٢٣٢؛ الوطواط: غرر الخصائص، ص ٥١٣ - ٥١٤؛ الصفدي: تمام المتون، ص ١١١ و ٢٣٧.
(٤) الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج ٨، ص ١٥٦؛ الشريف المرتضى: غرر الفوائد ودرر القلائد، ج ١، ص ١٥٦ - ١٥٧. والبيت من مقطوعة في ستة أبيات من بحر البسيط قالها بشار في هجاء يعقوب بن داود، ويقال إنها سبب قتله، وقد ورد في آخرها بعد البيت المذكور قولُه:
ضَاعَتْ خِلَافَتُكُمْ يَا قَوْمُ فَالتَمِسُوا ... خَلِيفَةَ الله بَيْنَ الزِّقِّ وَالعُودِ
وفي الديوان جاء صدر البيت الذي ذكره المصنف هنا بلفظ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ ضَاعَتْ خِلَافَتُكُمْ". ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٣، ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>