للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا تُبْصِرُ العَيْنَانِ فِي مَوْضِعِ الهَوَى ... وَلَا تَسْمَعُ الأُذُنَانِ إِلَّا مِنَ القَلْبِ (١)

وقوله:

يَا قَوْمِ أُذْنِي لِبَعْضِ الحَيِّ عَاشِقَةٌ ... وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانَا

قَالُوا: بِمَنْ لَا تَرَى تُعْنَى؟ فَقُلْتُ لَهُمْ ... الأُذْنُ كَالعَيْنِ تُولِي القَلْبَ مَا كَانَا (٢)

وقوله:

أَنِّى وَلَمْ تَرَهَا تَهْذِي فَقُلْتُ لَهُمْ: ... إِنَّ الفُؤَادَ يَرَى مَا لَا يَرَى البَصَرُ (٣)

والذي أُعَلِّل به غرامَ بشار أنه كان ذا نفس خليعة تُحب المجون، فكان قد راض نفسَه على العِشق إيفاءً لها بشعائر المجون، وجعل طريقةَ عشقِه حُسنَ النغمة ورقةَ المزج ولين اللمس وحلاوة الحديث، ودرَّب لنفسه ذلك الارتياض حتى صار له ملَكةً وسجيّة. فكان عشقُه حقيقةً غيرَ ادعاء، وهو يتوسل بذلك إلى أن يجيد النسيب، فإنه سَدَى الشعر ولُحمته. ومما ينبئك بذلك أنك تجده يُكثِر في نسيبه وصفَ حسن منطق النساء، كقوله:

وَكَأَنَّ رَجْعَ حَدِيثِهَا ... قِطَعُ الرِّيَاضِ كُسِينَ زَهْرَا (٤)


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٣٨ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١١ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ١٧ - ١٨.
(٢) أورد المصنف البيت الثاني مع تخالف في بعض ألفاظه، فههنا "تُعنى" و"تُولِي"، وسيأتي بعد قليل بلفظ "تَهذي" و"تُوفِي". وما في الديوان "تَهذِي" و"تُؤتِي" تبعًا لرواية الأَصفهاني. الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٣٨ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١١ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٢٢٨.
(٣) البيت من قصيدة من بحر البسيط قالها في عبدة، وقد جاء في الديوان بلفظ "تَصْبُو" بدل "تهذي". ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٣، ص ١٤٥.
(٤) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٥٥ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧٠٥ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>