للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلُه فاتبعها وكلِّمها وأعلمها بأني لها محب، وأنْشِدْها هذه الأبيات وعرّفها أني قلتها فيها، وذكر الأبيات التي أولها:

قَالُوا بِمَنْ لَا تَرَى تَهْذِى فَقُلْتُ لَهُمْ ... الأُذْنُ كَالعَيْنِ تُوفِي القَلْبَ مَا كَانَا

فأبلغها الغلامُ الأبيات، فهشّت لها، وكانت تزوره مع نسوة يصحبها، فيأكلن عنده ويشربن وينصرفن، بعد أن يحدثها وينشدها، ولا تُطمِعه في نفسها (١).

ولمَّا أفضت الخلافةُ إلى المهدي، وكانت فيه غَيْرَةٌ وحُزونة (٢)، ورأى ما في شعر بشار في الغزل ووصف اللهو بالنساء، نهى بشارًا عن التشبيب بالنساء، وقد ذكر ذلك بشار في قصائد من شعره، من ذلك قوله:

قَالَ الخَلِيفَةُ لَا تَنْسِبْ بِجَارِيَةٍ ... إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَشْقَى بِعِصْيَانِ (٣)

وقوله:

وَلَوْلَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ سَقَيْتُها ... أُوَامًا يُنَاجِينَا لهَا حَيْثُ حَلَّتِ (٤)

وقال أبو الفرج: "قدم بشارٌ على المهدي بالرُّصافة، فدخل عليه في البستان، فأنشده مديحًا فيه تشبيبٌ حسن، فنهاه عن التشبيب لغَيْرَةٍ شديدة كانت فيه، ثم قدم


(١) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٦، ص ٢٤٢ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ٢/ ٦، ص ٧٤٨ (نشرة الحسين). وانظر القصة كذلك في المصدر نفسه، ج ٣، ص ٢٣٧ - ٢٣٨ (نشرة القاهرة)؛ ج ١/ ٣، ص ٧١١ (نشرة القاهرة)؛ والبيت في ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٢٢٨.
(٢) الحُزونة: الغلظة والشدة.
(٣) الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٢١ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧٠٠ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٤ (الملحقات)، ص ٢٢٧.
(٤) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٨. والبيت من قصيدة من بحر الطويل قالها بشار يتغزل ويفتخر بأيام بني عامر مواليه في اليمامة بلاد بني حنيفة. انظر مزيدًا من التفصيل في الهامش رقم ٥ في المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>