وفي كتاب الجنائز من المدونة قال مالك:"لا يُصَلَّى على أحد من أهل الأهواء". قال أبو الحسن في شرحه:"اختلف المالكيةُ في تأويل قول مالك: فقال سحنون: إنما أراد به التأديبَ وكراهيةَ مخالطتهم، ووافقه ابنُ رشد على ذلك وجماعة، أي: لا يصلي عليهم أهلُ السنة، وإنما يصلي عليهم أهلُ نحلتهم. ألا ترى أن مالكًا لم يُفتِ بأنهم لا يُدفنون في مقابر المسلمين ولم يصرح بأنهم يُتركون بدون صلاة عليهم؟ ولأنه لو لم يوجد في البلد الذي مات فيه أحدٌ من أهل الأهواء مَنْ يصلي عليه من أهل نحلته، يُترك بدون صلاة عليه. وقال غير سحنون: أراد مالك أن أهلَ الأهواء كفار، وأنهم لا يُصلَّى عليهم، ولا يُدفنون في مقابر المسلمين". (١)
(١) أورد المصنف كلام مالك بتصرف، فانظره في: الأصبحي، الإمام مالك بن أنس: المدونة الكبرى، رواية سحنون بن سعيد التنوخي، تحقيق عامر الجزار وعبد السلام المنشاوي (القاهرة: دار الحديث، ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، ج ١، ص ٢٧٨. أما أبو الحسن هذا فلعله علي بن محمد بن محمد بن خلف المنوفي المصري الشاذلي (٨٥٧/ ١٤٥٣ - ٩٣٩/ ١٥٣٢) شارح رسالة ابن أبي زيد القيرواني. ولعله ابن القصار، ولعله اللخمي، ولعله الرجراجي، ولكن الكلام المنقول ليس في كتابه "مناهج التحصيل"، ولم أجده في "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد، ولا "البيان والتحصيل" لابن رشد، ولا "الذخيرة" للقرافي، ولا "مواهب الجليل" للحطاب، ولا "التوضيح" لخليل، ولا "فتح العلي المالك" لعليش. وانظر تفاصيل الآراء في المسألة في ابن العربي: المسالك في شرح موطأ مالك، ج ٧، ص ٢٣٣ - ٢٣٤؛ ابن رشد القرطبي، أبو الوليد: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، تحقيق جماعة من العلماء بإشراف محمد حجي (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط ٢، ١٤٠٨/ ١٩٨٨)، "كتاب الصلاة الثالث"، ج ١، ص ٤٤٣ - ٤٤٤، و"كتاب الجنائز"، ج ٢، ص ٢٤٠ و ٢٧٢؛ المازري، أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي: شرح التلقين، تحقيق محمد المختار السلامي (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٩٩٧/ ٢٠٠٨)، ج ٣، ص ١١٧١ - ١١٧٢؛ الرجراجي، أبو الحسن علي بن سعيد: مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها، تحقيق أبي الفضل الدمياطي (بيروت/ الدار البيضاء: دار ابن حزم ومركز التراث الثقافي المغربي، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ج ٢، ص ١٦ - ٢١؛ المالكي، خليل بن إسحاق الجندي: التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، نشرة بعناية أحمد بن عبد الكريم نجيب (القاهرة: مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث، ط ١، ١٤٢٩/ ٢٠٠٨)، "كتاب الصلاة"، ج ٢، ص ١٥٠ - ١٥١. وللمازري كلامٌ مهم على اضطراب الأقوال في مسألة الصلاة بإمامة "المبتدعة كالمعتزلة والخوارج"، وقد أحال عليه عند مناقشته المسألة من المفيد جلبه هنا. =