للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإطلاق ما ثبت عن العرب من الألفاظ والصيغ والأحكام مما دل حالُ كلامهم على أنه كُلِّيَّاتٌ تقال في جزئياتها من معاني اللفظ أو أنواع الموادّ للصيغة الواحدة ليس من القياس، بل هو استعمال. وكذلك استعمالُ ما ثبت بالنوع كأنواع المجاز وذلك في النحوين الأول والثاني، كما أن ما لم يثبت بذاته ولا بقاعدة لا يجوز إطلاقه، لأنه يشبه وضعَ لغة جديدة، وهو أحد معاني القياس في قولهم لا تثبت اللغة بالقياس، وذلك في النحو السادس.

ولم يقل بجواز القياس في هذا النحو إلا بعضُ علماء الأصول من الشافعية، وهو خطأ منهم، وقائلوه ليسوا من أهل العربية (١). وبقي النزاع في الأنحاء الثالث والرابع والخامس.

قال ابن جني في الخصائص: "واعلم أن من قوة القياس عندهم اعتقادَ النحويين أن ما قِيسَ على كلام العرب فهو عندهم من كلام العرب، نحو قولك في قوله: كيف تبنى من ضَرَبَ مثل جعفر: ضَرْبَب هذا من كلام العرب، ولو بنيتَ مثله ضَيْرب، أو ضَوْرَب، أو ضَرْوَب، أو نحو ذلك، لم يُعتقد من كلام العرب؛ لأنه قياس على الأقلِّ استعمالًا والأضعفِ قياسًا". (٢)

وفي لسان العرب في مادة كبر: " [والكبر معظم الشيء، بالكسر. وقوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)} [النور: ١١]؛ قال ثعلب: يعني معظم الإفك. قال الفراء: اجتمع القراء على كسر الكاف]، وقرأها حُميد الأعرج وحده: كُبْرَهُ، (بضم الكاف)، فقال الفراء: هو وجه جيد؛ لأن العرب تقول: فلان تولَّى عُظْمَ


(١) يقصد المصنف أنهم ليسوا من أهل الاختصاص في علوم اللغة العربية.
(٢) ابن جني: الخصائص، ج ١، ص ١٥٣. وقد خصص ابن جني بابًا كاملًا لهذه المسألة بعنوان: "باب في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب" (ج ١، ص ٣٥٦ - ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>