للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "زهر الآداب" للحُصري: "قال بشار: ما زال فَتًى من بني حنيفة (يعني العباس بن الأحنف) يُدخِلُ نفسَه فينا (يعني الشعراء)، ويُخرجها (١) منا (يريد أنه يتكلف فيأتِي بشعر مختلط الجيد بالرديء) حتى قال:

نَزَفَ البُكَاءُ دُمُوعَ عَيْنِكَ فَاسْتَعِرْ ... عَينًا لِغَيْرِكَ دَمْعُهَا مِدْرَارُ

مَنْ ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تَبْكِي بِهَا ... أَرَأَيْتَ عَيْنًا لِلْبُكَاءِ تُعَارُ؟ " (٢)

يعني أنه لما قال هذا صار يقول الشعر المطبوع المتين.

وقال أبو عبيدة: "سمعتُ بشارًا يقول وقد أُنشِدَ في شعر الأعشى:

وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ ... مِنَ الحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ والصَّلَعَا (٣)

فأنكره بشار، وقال: هذا بيت مصنوعٌ ما يشبه كلامَ الأعشى، فعجبتُ لذلك. فلما كان بعد هذا بعشر سنين كنتُ جالسًا عند يونس، فقال: حدثنا أبو عمرو بنُ


(١) ووقع في كتاب "الذخيرة" لابن بسام في ترجمة أبي بكر بن قزمان من أثناء كتاب لأبي بكر ذكر فيه كلام بشار فقال: "ونخرجها" بنون الجماعة (أي: ونحن الشعراء ندفعه ولا نقبله). - المصنف. ما جاء في المطبوع من كتاب الذخيرة هو عين ما ذكره الحصري لا ما أشار إليه المصنف في الحاشية مما قد يكون رواية في بعض النسخ لم يرجحها محقق الكتاب. ابن بسام الشنتريني، أبو الحسن علي: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار الثقافة، ١٤١٧/ ١٩٩٧)، ج ٢، ص ٧٧٧ - ٧٧٨. وفي رواية أبي الفرج الأصفهاني قال بشار: "لَحِق والله هذا الفتى بالمحسنين، وما يزال يُدخل نفسَه معنا ونحن نُخرجه حتى قال هذا الشعر". الأغاني، ج ٢/ ٥، ص ٤٢٥ (نشرة الحسين). وبيتا ابن الأحنف هما التاسع والعاشر في قصيدة ثلاثة وثلاثين بيتًا من بحر الكامل، طالعها:
غَضِبُ الحَبِيبُ فَهَاجَ لِي اسْتِعْبَارُ ... وَاللهُ لِي مِمَّا أُحَاذِرُ جَارُ
ديوان العباس بن الأحنف، ص ١١٩.
(٢) الحصري القيرواني: زهر الآداب، ج ٢، ص ٣٢٢. وما بين قوسين زيادة من المصنف للتوضيح.
(٣) البيت من قصيدة "لم ينقص الشيب منه"، ومطلعها:
نَانَتْ سُعَادُ وَأَمْسَى حَبْلُهَا انْقَطَعَا ... وَاحْتَلَّتِ الغَمْرَ فالجُدَّيْن فَالفَرَعَا
ديوان الأعشى، تحقيق فوزي عطوي (بيروت: دار صعب، ١٩٨٠)، ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>