للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقةٍ مزعومة، وهو أشبه بالمبالغة، وقد يتجاذبه علمُ المعاني بناءً على ادعاء وجود امرأة يخاطبها، لكن ذلك خفي. وأيضًا فهم لم يبحثوا عن نظيره، وهو خطابُ المثنى في نحو "قفا نبك". فكما قصدوا عدمَ التعرض لنظيره مع شهرته بين أهل الأدب، فكذلك لا يحق أن نُلحِقَ بهم هذا النظيرَ الذي لم يهتد إليه المتقدمون. وليس مما يُعَدُّ في هذا الغرض من بحثنا كلُّ خطابٍ قُصدت فيه امرأةٌ معينة أو أكثر، كقول الأعشى:

تَقُولُ بنْتي وَقَدْ يَمَّمْتُ مُرْتحلًا: ... يَا رَبُّ جَنّبْ أَبي الأَوْصَابَ وَالوَجَعَا (١)

وقول لبيد:

تَمَنَّى ابْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا ... وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ (٢)

الأبيات. وقول عبيد بن الأبرص:

تِلْكَ عَرْسِي غَضْبَى تُرِيدُ زِيَالِي ... أَلِبَيْنٍ تُرِيدُ أَمِ لِدَلَالِ (٣)

وقول ذهلول بن كعب العنبري - وهو من شعراء ديوان الحماسة - ونزل به ضيف وكانت امرأته غائبة، فقام إلى الرحى ليطحن لهم دقيقًا، فجاءت امرأتُه وهو كذلك، فتعجبت من ذلك:

تَقُولُ وَصَكَّتْ صَدْرَهَا بِيَمِينِهَا ... أَبَعْلِي هَذَا بِالرَّحَا المُتَقَاعِسُ

فَقُلْتُ لَهَا: لَا تَعْجَلِي وَتَبَيَّنِي ... بَلَائِي إِذَا التَقَتْ عَلَيَّ الفَوَارِسُ


(١) ديوان الأعشى، ص ١٢٠.
(٢) البيت هو طالع قصيدة قالها لبيد يخاطب ابنتيه حين حضرته الوفاة. ديوان لبيد، ص ٥٠.
(٣) الجاحظ: البيان والتبيين، ج ١/ ١، ص ١٦٣. والبيت هو الثامن من قصيدة من ستة وثلاثين بيتًا من بحر الخفيف، يستعيد فيها الشاعر أحداث ويصف أحواله وعلاقاته. ديوان عبيد بن الأبرص، ص ٩٥ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>